بأس السيوف ، وقوله تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ) ليحصنكم (مِنْ بَأْسِكُمْ) [سورة الأنبياء : ٨٠].
وجملة (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) تذييل لما ذكر من النّعم ، والمشار إليه هو ما في النّعم المذكورة من الإتمام ، أو إلى الإتمام المأخوذ من (يُتِمُ).
و (لعلّ) للرجاء ، استعملت في معنى الرّغبة ، أي رغبة في أن تسلموا ، أي تتّبعوا دين الإسلام الذي يدعوكم إلى ما مآله شكر نعم الله تعالى.
وتقدم تأويل معنى الرجاء في كلام الله تعالى من سورة البقرة.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢))
تفريع على جملة (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) [سورة النحل : ٨١] وقع اعتراضا بين جملة (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) [سورة النحل : ٨١] وجملة (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) [سورة النحل : ٨٤].
وقد حوّل الخطاب عنهم إلى خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم وهو نوع من الالتفات فيه التفات من أسلوب إلى أسلوب والتفات عمّن كان الكلام موجّها إليه بتوجيه الكلام إلى شخص آخر.
والمعنى : كذلك يتمّ نعمته عليكم لتسلموا فإن لم يسلموا فإنما عليك البلاغ.
والمقصود : تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم على عدم استجابتهم.
والتولّي : الإعراض. وفعل (تَوَلَّوْا) هنا بصيغة الماضي ، أي فإن أعرضوا عن الدعوة فلا تقصير منك ولا غضاضة عليك فإنك قد بلّغت البلاغ المبين للمحجّة.
والقصر إضافي ، أي ما عليك إلا البلاغ لا تقليب قلوبهم إلى الإسلام ، أو لا تولى جزاءهم على الإعراض ، بل علينا جزاؤهم كقوله تعالى : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) [سورة الرعد : ٤٠].
وجعل هذا جوابا لجملة (فَإِنْ تَوَلَّوْا) من إقامة السبب والعلّة مقام المسبّب والمعلول: وتقدير الكلام : فإن تولّوا فلا تقصير ولا مؤاخذة عليك لأنك ما عليك إلا البلاغ. ونظير هذه قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) [سورة المائدة : ٩٢].