ونظيره قوله : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [سورة الأنعام : ٧].
و (ظلّ) تدل على الكون في النهار ، أي وكان ذلك في وضح النهار وتبين الأشباح وعدم التردد في المرئي.
والعروج : الصعود. ويجوز في مضارعه ضمّ الراء وبه القراءة وكسرها ، أي فكانوا يصعدون في ذلك الباب نهارا.
و (سُكِّرَتْ) ـ بضم السين وتشديد الكاف ـ في قراءة الجمهور ، وبتخفيف الكاف في قراءة ابن كثير. وهو مبني للمجهول على القراءتين ، أي سدّت. يقال : سكر الباب بالتشديد وسكره بالتخفيف إذا سدّه.
والمعنى : لجحدوا أن يكونوا رأوا شيئا.
وأتوا بصيغة الحصر للدلالة على أنهم قد بتّوا القول في ذلك. وردّ بعضهم على بعض ظن أن يكونوا رأوا أبواب السماء وعرجوا فيها ، وزعموا أنهم ما كانوا يبصرون ، ثم أضربوا عن ذلك إضراب المتردّد المتحيّر ينتقل من فرض إلى فرض فقالوا : (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) ، أي ما رأيناه هو تخيلات المسحور ، أي فعادوا إلى إلقاء تبعة ذلك على الرسولصلىاللهعليهوسلم بأنه سحرهم حين سأل لهم الله أن يفتح بابا من السماء ففتحه لهم.
وقد تقدم الكلام على السحر وأحواله عند قوله تعالى : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) في سورة البقرة [١٠٢].
وإقحام كلمة (قَوْمٌ) هنا دون أن يقولوا : بل نحن مسحورون ، لأن ذكرها يقتضي أن السحر قد تمكن منهم واستوى فيه جميعهم حتى صار من خصائص قوميتهم كما تقدم تبيينه عند قوله تعالى : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) في سورة البقرة [١٦٤]. وتكرر ذلك.
[١٦ ـ ١٨] (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨))
لما جرى الكلام السابق في شأن تكذيب المشركين برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم وما توركوا به في ذلك ، وكان الأصل الأصيل الذي بنوا عليه صرح التكذيب أصلين هما إبطاله إلهية أصنامهم ، وإثباته البعث ، انبرى القرآن يبيّن لهم دلائل تفرد الله تعالى بالإلهية ، فذكر