المنصوب في (نَزَّلَهُ) مثل (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [سورة المؤمنون : ٢٠] ، أي ملابسا للحقّ لا شائبة للباطل فيه.
وذكرت علّة من علل إنزال القرآن على الوصف المذكور ، أي تبديل آية مكان آية ، بأن في ذلك تثبيتا للذين آمنوا إذ يفهمون محمل كل آية ويهدون بذلك وتكون آيات البشرى بشارة لهم وآيات الإنذار محمولة على أهل الكفر.
ففي قوله تعالى : (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ) إبطال لقولهم : (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) [سورة النحل : ١٠١] ، وفي قوله تعالى ؛ (بِالْحَقِ) إيقاظ للناس بأن ينظروا في حكمة اختلاف أغراضه وأنها حقّ.
وفي التعليل بحكمة التثبيت والهدى والبشرى بيان لرسوخ إيمان المؤمنين وسداد آرائهم في فهم الكلام السامي ، وأنه تثبيت لقلوبهم بصحة اليقين وهدى وبشرى لهم.
وفي تعلّق الموصول وصلته بفعل التثبيت إيماء إلى أن حصول ذلك لهم بسبب إيمانهم ، فيفيد تعريضا بأن غير المؤمنين تقصر مداركهم عن إدراك ذلك الحقّ فيختلط عليهم الفهم ويزدادون كفرا ويضلّون ويكون نذارة لهم.
والمراد بالمسلمين الذين آمنوا ، فكان مقتضى الظاهر أن يقال : وهدى وبشرى لهم ، فعدل إلى الإظهار لزيادة مدحهم بوصف آخر شريف.
وقوله تعالى : (وَهُدىً وَبُشْرى) عطف على الجار والمجرور من قوله : (لِيُثَبِّتَ) ، فيكون (هُدىً وَبُشْرى) مصدرين في محل نصب على المفعول لأجله ، لأن قوله (لِيُثَبِّتَ) وإن كان مجرور اللفظ باللام إذ لا يسوغ نصبه على المفعول لأجله لأنه ليس مصدرا صريحا.
وأما (هُدىً وَبُشْرى) فلما كانا مصدرين كانا حقيقين بالنصب على المفعول لأجله بحيث لو ظهر إعرابهما لكانا منصوبين كما في قوله تعالى : (لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) [سورة النحل : ٨].
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣))
عطف على جملة (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) [سورة النحل : ١٠١]. وهذا إبطال