حكم الكفّار في الظاهر كالمرتدّ فيستتاب عن المكنة منه.
وسوّى جمهور العلماء بين أقوال الكفر وأفعاله كالسجود للصنم. وقالت طائفة : إن الإكراه على أفعال الكفر لا يبيحها. ونسب إلى الأوزاعي وسحنون والحسن البصري ، وهي تفرقة غير واضحة. وقد ناط الله الرخصة باطمئنان القلب بالإيمان وغفر ما سوّل القلب.
وإذا كان الإكراه موجب الرخصة في إظهار الكفر فهو في غير الكفر من المعاصي أولى كشرب الخمر والزنا ، وفي رفع أسباب المؤاخذة في غير الاعتداء على الغير كالإكراه على الطلاق أو البيع.
وأما في الاعتداء على الناس من ترتّب الغرم فبين مراتب الإكراه ومراتب الاعتداء المكره عليه تفاوت ، وأعلاها الإكراه على قتل نفس. وهذا يظهر أنه لا يبيح الإقدام على القتل لأن التوعّد قد لا يتحقق وتفوت نفس القتيل.
على أن أنواعا من الاعتداء قد يجعل الإكراه ذريعة إلى ارتكابها بتواطؤ بين المكره والمكره. ولهذا كان للمكره ـ بالكسر ـ جانب من النظر في حمل التبعة عليه.
وهذه الآية لم تتعرّض لغير مؤاخذة الله تعالى في حقّه المحض وما دون ذلك فهو مجال الاجتهاد.
والخلاف في طلاق المكره معلوم ، والتفاصيل والتفاريع مذكورة في كتب الفروع وبعض التفاسير.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧))
هذه الجملة واقعة موقع التعليل فلذلك فصلت عن التي قبلها ، وإشارة ذلك إلى مضمون قوله (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [سورة النحل : ١٠٦].
وضمير (بِأَنَّهُمُ) عائد إلى (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ) [سورة النحل : ١٠٦] سواء كان ما صدق (مَنْ) معيّنا أو مفروضا على أحد الوجهين السابقين.
والباء للسببية ، فمدخولها سبب.