وتقدّم معنى القرية عند قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) في سورة البقرة [٢٥٩].
والمراد بالقرية أهلها إذ هم المقصود من القرية كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [سورة يوسف : ٨٢].
والأمن : السلامة من تسلّط العدو.
والاطمئنان : الدّعة وهدوء البال. وقد تقدّم في قوله تعالى : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) في سورة البقرة [٢٦٠] ، وقوله : (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) في [سورة النساء : ١٠٣].
وقدم الأمن على الطمأنينة إذ لا تحصل الطمأنينة بدونه ، كما أن الخوف يسبّب الانزعاج والقلق.
وقوله : (يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً) تيسير الرزق فيها من أسباب راحة العيش ، وقد كانت مكّة كذلك. قال تعالى : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً) تجبى (إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) [سورة القصص : ٥٧]. والرزق : الأقوات. وقد تقدم عند قوله : (لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) في سورة يوسف [٣٧].
والرّغد : الوافر الهنيء. وتقدم عند قوله : (وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) في سورة البقرة [٣٥].
و (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) بمعنى من أمكنة كثيرة. و (كُلِ) تستعمل في معنى الكثرة ، كما تقدم في قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) في سورة الأنعام [٢٥].
والأنعم : جمع نعمة على غير قياس.
ومعنى الكفر بأنعم الله : الكفر بالمنعم ، لأنهم أشركوا غيره في عبادته فلم يشكروا المنعم الحقّ. وهذا يشير إلى قوله تعالى : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) [سورة النحل : ٨٣].
واقتران فعل «كفرت» بفاء التعقيب بعد (كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) باعتبار حصول الكفر عقب النعم التي كانوا فيها حين طرأ عليهم الكفر ، وذلك عند بعثة الرسول إليهم.
وأما قرن (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ) بفاء التعقيب فهو تعقيب عرفي في مثل ذلك