أحوالهم وملازمان لهم وأنهم بالغان منهم مبلغا أليما.
وأجمل (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) اعتمادا على سبق ما يبيّنه من قوله : فكفرت بأنعام الله.
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١١٣))
لما أخبر عنهم بأنهم أذيقوا لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ، وكان إنما ذكر من صنعهم أنهم كفروا بأنعم الله ، زيد هنا أن ما كانوا يصنعون عامّ لكل عمل لا يرضي الله غير مخصوص بكفرهم نعمة الله ، وإن من أشنع ما كانوا يصنعون تكذيبهم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم مع أنه منهم. وذلك أظهر في معنى الإنعام عليهم والرّفق بهم. وما من قرية أهلكت إلا وقد جاءها رسول من أهلها (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) [سورة القصص : ٥٩].
والأخذ : الإهلاك. وقد تقدم عند قوله تعالى : (فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في سورة الأعراف [٩٥].
وتأكيد الجملة بلام القسم وحرف التّحقيق للاهتمام بهذا الخبر تنبيها للسامعين المعرّض بهم لأنه محل الإنذار.
وتعريف (الْعَذابُ) للجنس ، أي فأخذهم عذاب كقوله : (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ) نبيء (إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [سورة الأعراف : ٩٥].
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤))
تفريع على الموعظة وضرب المثل ، وخوطب به فريق من المسلمين كما دلّ عليه قوله : إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ) [سورة النحل : ١١٤ ، ١١٥] إلى آخره.