بِجَهالَةٍ) في سورة النساء [١٧].
وقوله : (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) تأكيد لفظي لقوله : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ) لزيادة الاهتمام بالخبر على الاهتمام الحاصل بحرف التوكيد ولام الابتداء. ويتصل خبر (إِنَ) باسمها لبعد ما بينهما.
ووقع الخبر بوصف الله بصفة المبالغة في المغفرة والرحمة ، وهو كناية عن غفرانه لهم ورحمته إيّاهم في ضمن وصف الله بهاتين الصفتين العظيمتين.
والباء في (بِجَهالَةٍ) للملابسة ، وهي في موضع الحال من ضمير (عَمِلُوا).
وضمير (مِنْ بَعْدِها) عائد إلى الجهالة أو إلى التوبة.
[١٢٠ ـ ١٢٢] (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢))
استئناف ابتدائي للانتقال إلى غرض التّنويه بدين الإسلام بمناسبة قوله : (ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) [سورة النحل : ١١٩] المقصود به أنّهم كانوا في الجاهلية ثم اتّبعوا الإسلام ، فبعد أن بشرهم بأنه غفر لهم ما عملوه من قبل زادهم فضلا ببيان فضل الدين الذي اتّبعوه.
وجعل الثناء على إبراهيم ـ عليهالسلام ـ مقدّمة لذلك لبيان أن فضل الإسلام فضل زائد على جميع الأديان بأن مبدأه برسول ومنتهاه برسول. وهذا فضل لم يحظ به دين آخر.
فالمقصود بعد هذا التمهيد وهاته المقدّمة هو الإفضاء إلى قوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [سورة النحل : ١٢٣] ، وقد قال تعالى في الآية الأخرى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) [سورة الحج : ٧٨].
والأصل الأصيل الذي تفرّع عنه وعن فروعه هذا الانتقال ما ذكر في الآية قبلها من تحريم أهل الجاهلية على أنفسهم كثيرا مما أنعم الله به على الناس.
ونظّرهم باليهود إذ حرّم الله عليهم أشياء ، تشديدا عليهم ، فجاء بهذا الانتقال لإفادة أن كلا الفريقين قد حادوا عن الحنيفية التي يزعمون أنهم متابعوها ، وأن الحنيفية هي ما