وصالح لأن يكون جمع ملقح وهو الذي يجعل غيره لاقحا ، أي الفحل إذا ألقح الناقة ، فإن فواعل يجيء جمع مفعل مذكر نادرا كقول الحارث أو ضرار النهشلي :
لبيك يزيد ضارع لخصومة |
|
ومختبط مما تطيح الطوائح |
روعي فيه جواز تأنيث المشبه به. وهي جمع الفحول لأن جمع ما لا يعقل يجوز تأنيثه.
ومعنى الإلقاح أن الرياح تلقح السحاب بالماء بتوجيه عمل الحرارة والبرودة متعاقبين فينشأ عن ذلك البخار الذي يصير ماء في الجو ثم ينزل مطرا على الأرض ؛ وأنها تلقح الشجر ذي الثمرة بأن تنقل إلى نوره غبرة دقيقة من نور الشجر الذكر فتصلح ثمرته أو تثبت ، وبدون ذلك لا تثبت أو لا تصلح. وهذا هو الإبّار. وبعضه لا يحصل إلا بتعليق الطلع الذكر على الشجرة المثمرة. وبعضه يكتفي منه بغرس شجرة ذكر في خلال شجر الثمر.
ومن بلاغة الآية إيراد هذا الوصف لإفادة كلا العملين اللّذين تعملهما الرياح ، وقد فسرت الآية بهما. واقتصر جمهور المفسرين على أنها لواقح السحاب بالمطر.
وروى أبو بكر بن العربي عن مالك أنه قال : قال الله تعالى (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) فلقاح القمح عندي أن يحبب ويسنبل ولا أريد ما ييبس في أكمامه ولكن يحبب حتى يكون لو يبس حينئذ لم يكن فسادا لا خير فيه. ولقاح الشجر كلها أن تثمر ثم يسقط منها ما يسقط ويثبت ما يثبت.
وفرع قوله (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) على قوله (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ).
وقرأ حمزة وأرسلنا الريح لواقح بإفراد «الريح» وجمع «لواقح» على إرادة الجنس والجنس له عدة أفراد.
و (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) بمعنى جعلناه لكم سقيا ، فالهمزة فيه للجعل. وكثر إطلاق أسقى بمعنى سقى.
واستعمل الخزن هنا في معنى الخزن في قوله آنفا (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) [سورة الحجر : ٢١] أي وما أنتم له بحافظين ومنشئين عند ما تريدون.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣))