على خلاف القياس لأن فعله رباعي. وقد تقدم عند قوله تعالى (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) في سورة الأعراف [٣٤].
وقد تقدم في طالع تفسير هذه السورة الخبر الذي أخرجه الترمذي في جامعه من طريق نوح بن قيس ومن طريق جعفر بن سليمان في سبب نزول هذه الآية. وهو خبر واه لا يلاقي انتظام هذه الآيات ولا يكون إلا من التفاسير الضعيفة.
وجملة (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) نتيجة هذه الأدلة من قوله : (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) [سورة الحجر : ٢٣] فإن الّذي يحيي الحياة الأولى قادر على الحياة الثانية بالأولى ، والّذي قدّر الموت ما قدره عبثا بعد أن أوجد الموجودات إلّا لتستقبلوا حياة أبدية ؛ ولو لا ذلك لقدر الدّوام على الحياة الأولى ، قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [سورة الملك : ٢].
وللإشارة إلى هذا المعنى من حكمة الإحياء والإماتة أتبعه بقوله : (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) تعليلا لجملة (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) لأن شأن (إِنَ) إذا جاءت في غير معنى الرد على المنكر أن تفيد معنى التعليل والربط بما قبلها.
والحكيم الموصوف بالحكمة. وتقدم عند قوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) [سورة البقرة : ٢٦٩] وعند قوله تعالى : (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) في سورة البقرة [٢٠٩].
و «العليم» الموصوف بالعلم العام ، أي المحيط. وتقدم عند قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) في سورة آل عمران [١٤٠].
وقد أكدت جملة (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ) بحرف التوكيد وبضمير الفصل لرد إنكارهم الشديد للحشر. وقد أسند الحشر إلى الله بعنوان كونه رب محمد صلىاللهعليهوسلم تنويها بشأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنهم كذبوه في الخبر عن البعث (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ* أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) [سورة سبأ : ٧ ـ ٨] أي فكيف ظنك بجزائه مكذبيك إذا حشرهم.
[٢٦ ، ٢٧] (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧))