طِينٍ) ولم يحك عنه هنا.
وبمجموع ما حكي عنه هنا وهناك كان إبليس مصرحا بتخطئة الخالق ، كافرا بصفاته ، فاستحق الطرد من عالم القدس. وقد بيناه في سورة ص.
وعطفت جملة أمره بالخروج بالفاء لأن ذلك الأمر تفرع على جوابه المنبئ عن كفره وعدم تأهله للبقاء في السماوات.
والفاء في (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) دالّة على سبب إخراجه من السماوات. و (إنّ) مؤذنة بالتعليل. وذلك إيماء إلى سبب إخراجه من عوالم القدس ، وهو ما يقتضيه وصفه بالرجيم متلوث الطوية وخبث النفس ، أي حيث ظهر هذا فيك فقد خبثت نفسك خبثا لا يرجى بعده صلاح فلا تبقى في عالم القدس والنزاهة.
والرجيم : المطرود. وهو كناية عن الحقارة. وتقدم في أول هذه السورة (وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) [سورة الحجر : ١٧].
وضمير (مِنْها) عائد إلى السماوات وإن لم تذكر لدلالة ذكر الملائكة عليها. وقيل: إلى الجنة. وقد اختلف علماؤنا في أنها موجودة.
و (اللَّعْنَةَ) : السّبّ بالطرد. و (على) مستعملة في الاستعلاء المجازي ؛ وهو تمكن اللعنة والشتم منه حتى كأنه يقع فوقه.
وجعل (يَوْمِ الدِّينِ) وهو يوم الجزاء غاية للّعن استعمالا في معنى الدوام ، كأنه قيل أبدا. وليس ذلك بمقتضي أن اللعنة تنتهي يوم القيامة ويخلفها ضدها ، ولكن المراد أن اللعنة عليه في الدنيا إلى أن يلاقي جزاء عمله فذلك يومئذ أشد من اللعنة.
[٣٦ ـ ٣٨] (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨))
سؤاله النظرة بعد إعلامه بأنه ملعون إلى يوم الدين فاض به خبث جبلته البالغ نهاية الخباثة التي لا يشفيها إلا دوام الإفساد في هذا العالم ، فكانت هذه الرغبة مجلبة لدوام شقوته.
ولما كانت اللعنة تستمر بعد انعدام الملعون إذا اشتهر بين الناس بسوء لم يكن توقيتها بالأبد مقيدا حياة الملعون ، فلذلك لم يكن لإبليس غنى بقوله تعالى (إِلى يَوْمِ