انتشاره في جميع ما على الأرض من الذوات وأحوالها.
وضمائر : (لَهُمْ) ، و (لَأُغْوِيَنَّهُمْ) و (مِنْهُمُ) ، لبني آدم ، لأنه قد علم علما ألقي في وجدانه بأن آدم ـ عليهالسلام ـ ستكون له ذرية ، أو اكتسب ذلك من أخبار العالم العلوي أيام كان من أهله وملئه.
وجعل المغوين هم الأصل ، واستثني منهم عباد الله المخلصين لأن عزيمته منصرفة إلى الإغواء ، فهو الملحوظ ابتداء عنده ، على أن المغوين هم الأكثر. وعكسه قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ) [سورة الحجر : ٤٢]. والاستثناء لا يشعر بقلّة المستثنى بالنسبة للمستثنى منه ولا العكس.
وقرئ (الْمُخْلَصِينَ) ـ بفتح اللام ـ لنافع وحمزة وعاصم والكسائي على معنى الذين أخلصتهم وطهّرتهم. و ـ بكسر اللام ـ لابن كثير وابن عامر وأبي عمرو ، أي الذين أخلصوا لك في العمل.
[٤١ ـ ٤٢] (قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤))
الصراط المستقيم : هو الخبر والرشاد.
فالإشارة إلى ما يؤخذ من الجملة الواقعة بعد اسم الإشارة المبيّنة للإخبار عن اسم الإشارة وهي جملة (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ، فتكون الإشارة إلى غير مشاهد تنزيلا له منزلة المشاهد ، وتنزيلا للمسموع منزلة المرئي.
ثم إن هذا المنزل منزلة المشاهد هو مع ذلك غير مذكور لقصد التشويق إلى سماعه عند ذكره. فاسم الإشارة هنا بمنزلة ضمير الشأن ، كما يكتب في العهود والعقود : هذا ما قاضي عليه فلان فلانا أنه كيت وكيت ، أو هذا ما اشترى فلان من فلان أنه باعه كذا وكذا.
ويجوز أن تكون الإشارة إلى الاستثناء الذي سبق في حكاية كلام إبليس من قوله : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [سورة الحجر : ٤٠] لتضمنه أنه لا يستطيع غواية العباد الذين أخلصهم الله للخير ، فتكون جملة (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) مستأنفة