الحجر : ٣٩ ، ٤٠] ، فكلّما حدث في جبلّته فصل من تلك الماهية صدر منه قول يدل عليه ؛ فهو شبيه بنطق الجوارح بالشهادة على أهل الضلالة يوم الحساب.
وأما الأقوال الإلهية التي أجيبت بها أقوال الشيطان فمظهر للأوامر التكوينية التي قدّرها الله تعالى في علمه لتطور أطوار إبليس المقومة لماهية الشيطنة ، وللألطاف التي قدرها الله لمن يعتصم بها من عباده لمقاومة سلطان الشيطان. وليست تلك الأقوال كلها بمناظرة بين الله وأحد مخلوقاته ولا بغلبة من الشيطان لخالقه ، فإن ضعفه تجاه عزّة خالقه لا يبلغ به إلى ذلك.
[٤٥ ـ ٤٨] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨))
استئناف ابتدائي ، انتقال من وعيد المجرمين إلى بشارة المتّقين على عادة القرآن في التفنن.
والمتّقون : الموصوفون بالتقوى. وتقدمت عند صدر سورة البقرة.
والجنّات : جمع جنة. وقد تقدمت عند قوله تعالى (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) في أول سورة البقرة [٢٥].
والعيون : جمع عين اسم لثقب أرضي يخرج منه الماء من الأرض. فقد يكون انفجارها بدون عمل الإنسان. وأسبابه كثيرة تقدمت عند قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) في سورة البقرة [٧٤]. وقد يكون بفعل فاعل وهو التفجير.
وجملة (ادْخُلُوها) معمولة لقول محذوف يقدر حالا من (الْمُتَّقِينَ) والقرينة ظاهرة. والتقدير : يقال لهم ادخلوها. والقائل هو الملائكة عند إدخال المتقين الجنة.
والباء من (بِسَلامٍ) للمصاحبة.
والسلام : التحية. وتقدم في قوله : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) في سورة الأنعام [٥٤].
والأمن النجاة من الخوف.