وجملة (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) عطف على الخبر ، وهو (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ). والتقدير : إن المتقين نزعنا ما في صدورهم من غلّ.
والغلّ ـ بكسر الغين ـ البغض. وتقدم في قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) في سورة الأعراف [٤٣] ، أي ما كان بين بعضهم من غلّ في الدنيا.
و (إِخْواناً) حال ، وهو على معنى التشبيه ، أي كالإخوان ، أي كحال الإخوان في الدنيا.
وأول من يدخل في هذا العموم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فيما شجر بينهم من الحوادث الدافع إليها اختلاف الاجتهاد في إقامة مصالح المسلمين ، والشدة في إقامة الحق على حسب اجتهادهم. كما روي عن علي ـ كرّم الله وجهه ـ أنه قال : إني لأرجو من أن أكون أنا وطلحة ممن قال الله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً). فقال جاهل من شيعة عليّ اسمه الحارث بن الأعور الهمذاني : كلا ، الله أعدل من أن يجمعك وطلحة في مكان واحد. فقال عليّ : «فلمن هذه الآية لا أمّ لك بفيك التراب».
والسرر : جمع سرير. وهو محمل كالكرسي متّسع يمكن الاضطجاع عليه. والاتّكاء : مجلس أصحاب الدعة والرفاهية لتمكن الجالس عليه من التقلّب كيف شاء حتى إذا ملّ جلسة انقلب لغيرها.
والتقابل : كون الواحد قبالة غيره ، وهو أدخل في التأنس بالرؤية والمحادثة.
والمسّ : كناية عن الإصابة.
والنصب : التعب النّاشئ عن استعمال الجهد.
[٤٩ ، ٥٠] (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (٥٠))
هذا تصدير لذكر القصص التي أريد من التذكير بها الموعظة بما حلّ بأهلها ، وهي قصة قوم لوط وقصة أصحاب الأيكة وقصة ثمود.
وابتدئ ذلك بقصة إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما فيها من كرامة الله له تعريضا بالمشركين إذ لم يقتفوا آثاره في التوحيد.