عطف جزء من قصة قوم لوط وهو الجزء الأهم فيها.
ومجيء أهل المدينة إليه ومحاورته معهم كان قبل أن يعلم أنهم ملائكة ولو علم ذلك لما أشفق مما عزم عليه أهل المدينة لمّا علم بما عزموا عليه بعد مجادلتهم معه ، كما جاء في قوله تعالى : (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) في سورة هود [٨١]. والواو لا تفيد ترتيب معطوفها.
ويجوز جعل الجملة في موضع الحال من ضمير لوط المستتر في فعل (قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) [سورة الحجر : ٦٢] ، أو من الهاء في (إِلَيْهِ) ، ولا إشكال حينئذ. والمدينة هي سدوم.
و (يَسْتَبْشِرُونَ) يفرحون ويسرون. وهو مطاوع بشره فاستبشر ، قال تعالى : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ) في سورة براءة [١١١]. وصيغ بصيغة المضارع لإفادة التجدد مبالغة في الفرح. ذلك أنهم علموا أن رجالا غرباء حلوا ببيت لوط ـ عليهالسلام ـ ففرحوا بذلك ليغتصبوهم كعادتهم السيئة. وقد تقدمت القصة في سورة هود.
والفضح والفضيحة : شهرة حال شنيعة. وكانوا يتعيرون بإهانة الضيف ويعد ذلك مذلة لمضيفه. وقد ذكرهم بالوازع الديني وإن كانوا كفارا استقصاء للدعوة التي جاء بها ، وبالوازع العرفي فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) كما في قول عبد بني الحسحاس :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
والخزي : الذلّ والإهانة. وتقدم في قوله تعالى : (إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في أوائل سورة البقرة [٨٥]. وتقدم في مثل هذه القصة في سورة هود.
[٧٠ ـ ٧٧] (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧))
الواو في (أَوَلَمْ نَنْهَكَ) عطف على كلام لوط ـ عليهالسلام ـ جار على طريقة العطف على كلام الغير كقوله تعالى : (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) بعد قوله تعالى : (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) في سورة البقرة [١٢٤].