وأجري وصف (الْعَظِيمَ) على القرآن تنويها به.
وإن كان المراد بالسبع سورا كما هو مروي من قول ابن عباس وكثير من الصّحابة والسّلف واختلفوا في تعيينها بما لا ينثلج له الصدر ، فيكون إبهامها مقصودا لصرف الناس للعناية بجميع ما نزل من سور القرآن كما أبهمت ليلة القدر.
[٨٨ ، ٨٩] (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩))
استئناف بياني لما يثيره المقصود من قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) [سورة الحجر : ٨٥] ، ومن تساؤل يجيش في النّفس عن الإملاء للمكذّبين في النّعمة والتّرف مع ما رمقوا به من الغضب والوعيد فكانت جملة (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) بيانا لما يختلج في نفس السامع من ذلك ، ولكونها بهذه المثابة فصلت عن الّتي قبلها فصل البيان عن المبيّن.
ولو لا أن الجملة الّتي وقعت قبلها كانت بمنزلة التمهيد لها والإجمال لمضمونها لعطفت هذه الجملة لأنها تكون حينئذ مجرد نهي لا اتّصال له بما قبله ، كما عطفت نظيرتها في قوله تعالى في سورة طه [١٢٩ ـ ١٣١] : (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا). فلما فصلت الجملة هنا فهم أن الجملة الّتي قبلها مقصودة التمهيد بهذه الجملة ولو عطفت هذه لما فهم هذا المعنى البديع من النظم.
والمدّ : أصله الزيادة. وأطلق على بسط الجسم وتطويله. يقال : مدّ يده إلى كذا ، ومدّ رجله في الأرض. ثم استعير للزيادة من شيء. ومنه مدد الجيش ، ومدّ البحر ، والمد في العمر. وتلك إطلاقات شائعة صارت حقيقة. واستعير المدّ هنا إلى التّحديق بالنظر والطموح به تشبيها له بمدّ اليد للمتناول ، لأن المنهي عنه نظر الإعجاب مما هم فيه من حسن الحال في رفاهية عيشهم مع كفرهم ، أي فإن ما أوتيته أعظم من ذلك فلو كانوا بمحل العناية لاتّبعوا ما آتيناك ولكنّهم رضوا بالمتاع العاجل فليسوا ممن يعجب حالهم.
والأزواج هنا يحتمل أن يكون على معناه المشهور ، أي الكفّار ونسائهم. ووجه تخصيصهم بالذكر أن حالتهم أتم أحوال التمتّع لاستكمالها جميع اللّذات والأنس.