إنذاركم ، والقرينة هي ذكر النذارة دون البشارة لأن النذارة تناسب المكذبين إذ النذارة هي الإعلام بحدث فيه ضرّ.
والنّذير : فعيل بمعنى مفعل مثل الحكيم بمعنى المحكم ، وضرب وجيع ، أي موجع.
والقصر المستفاد من ضمير الفصل ومن تعريف الجزءين قصر قلب ، أي لست كما تحسبون أنكم تغيظونني بعدم إيمانكم فإنّي نذير مبين غير متقايض معكم لتحصيل إيمانكم.
و (الْمُبِينُ) : الموضح المصرح.
[٩٠ ، ٩١] (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١))
التشبيه الذي أفاده الكاف تشبيه بالذي أنزل على المقتسمين.
و (ما) موصولة أو مصدرية ، وهي المشبه به.
وأما المشبه فيجوز أن يكون الإيتاء المأخوذ من فعل (آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي) [سورة الحجر : ٨٧] ، أي إيتاء كالذي أنزلنا أو كإنزالنا على المقتسمين. شبّه إيتاء بعض القرآن للنبي صلىاللهعليهوسلم بما أنزل عليه في شأن المقتسمين ، أي أنزلناه على رسل المقتسمين بحسب التفسيرين الآتيين في معنى (الْمُقْتَسِمِينَ).
ويجوز أن يكون المشبّه الإنذار المأخوذ من قوله تعالى : (إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) [سورة الحجر : ٨٩] ، أي الإنذار بالعقاب من قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة الحجر : ٩٢ ـ ٩٣].
وأسلوب الكلام على هذين الوجهين أسلوب تخلّص من تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم إلى وعيد المشركين الطاعنين في القرآن بأنهم سيحاسبون على مطاعنهم.
وهو إما وعيد صريح إن أريد بالمقتسمين نفس المراد من الضميرين في قوله تعالى : (أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) [سورة الحجر : ٨٨].
وحرف على هنا بمعنى لام التّعليل كما في قوله تعالى : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [سورة البقرة : ١٨٥] وقوله : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) [سورة المائدة : ٤] ، وقول علقمة بن شيبان من بني تيم الله بن ثعلبة :
ونطاعن الأعداء عن أبنائنا |
|
وعلى بصائرنا وإن لم نبصر |