الأولى وكسر الطاء الثّانية) والعاصي بن وائل ، هلكوا بمكّة متتابعين ، وكان هلاكهم العجيب المحكي في كتب السيرة صارفا أتباعهم عن الاستهزاء لانفراط عقدهم.
وقد يكون من أسباب كفايتهم زيادة الداخلين في الإسلام بحيث صار بأس المسلمين مخشيّا ؛ وقد أسلم حمزة بن عبد المطلب رضياللهعنه فاعتزّ به المسلمون ، ولم يبق من أذى المشركين إياهم إلّا الاستهزاء ، ثم أسلم عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ فخشيه سفهاء المشركين ، وكان إسلامه في حدود سنة خمس من البعثة.
ووصفهم ب (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) للتشويه بحالهم ، ولتسلية الرسولصلىاللهعليهوسلم بأنهم ما اقتصروا على الافتراء عليه فقد افتروا على الله.
وصيغة المضارع في قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ) للإشارة إلى أنهم مستمرون على ذلك مجدّدون له.
وفرع على الأمرين الوعيد بقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ). وحذف مفعول (يَعْلَمُونَ) لدلالة المقام عليه ، أي فسوف يعلمون جزاء بهتانهم.
[٩٧ ـ ٩٩] (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩))
لما كان الوعيد مؤذنا بإمهالهم قليلا كما قال تعالى : (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) [سورة المزمل : ١١] كما دلّ عليه حرف التنفيس في قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [سورة الحجر : ٩٦] طمأن الله نبيه صلىاللهعليهوسلم بأنه مطّلع على تحرّجه من أذاهم وبهتانهم من أقوال الشرك وأقوال الاستهزاء فأمره بالثبات والتفويض إلى ربّه لأن الحكمة في إمهالهم ، ولذلك افتتحت الجملة بلام القسم وحرف التحقيق.
وليس المخاطب ممن يداخله الشكّ في خبر الله تعالى ولكن التحقيق كناية عن الاهتمام بالمخبر وأنه بمحل العناية من الله ؛ فالجملة معطوفة على جملة (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [سورة الحجر : ٩٥] أو حال.
وضيق الصدر : مجاز عن كدر النفس. وقد تقدّم في قوله تعالى : (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) في سورة هود [١٢].
وفرع على جملة (وَلَقَدْ نَعْلَمُ) أمره بتسبيح الله تعالى وتنزيهه عمّا يقولونه من نسبة