والتعهّد به بالحقّ الواجب على المحقوق به.
والقصد : استقامة الطريق. وقع هنا وصفا للسبيل من قبيل الوصف بالمصدر ، لأنه يقال : طريق قاصد ، أي مستقيم ، وطريق قصد ، وذلك أقوى في الوصف بالاستقامة كشأن الوصف بالمصادر ، وإضافة (قَصْدُ) إلى (السَّبِيلِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف ، وهي صفة مخصّصة لأن التعريف في (السَّبِيلِ) للجنس. ويتعين تقدير مضاف لأن الذي تعهّد الله به هو بيان السبيل لا ذات السبيل.
وضمير (وَمِنْها) عائد إلى (السَّبِيلِ) على اعتبار جواز تأنيثه.
و (جائِرٌ) وصف ل (السَّبِيلِ) باعتبار استعماله مذكرا. أي من جنس السبيل الذي منه أيضا قصد سبيل جائر غير قصد.
والجائر : هو الحائد عن الاستقامة. وكنّي به عن طريق غير موصل إلى المقصود ، أي إلى الخير ، وهو المفضي إلى ضرّ ، فهو جائر بسالكه. ووصفه بالجائر على طريقة المجاز العقلي. ولم يضف السبيل الجائر إلى الله لأن سبيل الضلال اخترعها أهل الضلالة اختراعا لا يشهد له العقل الذي فطر الله الناس عليه ، وقد نهى الله الناس عن سلوكها.
وجملة (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) تذييل.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠))
استئناف لذكر دليل آخر من مظاهر بديع خلق الله تعالى أدمج فيه امتنان بما يأتي به ذلك الماء العجيب من المنافع للناس من نعمة الشراب ونعمة الطعام للحيوان الذي به قوام حياة الناس وللناس أنفسهم.
وصيغة تعريف المسند إليه والمسند أفادت الحصر ، أي هو لا غيره. وهذا قصر على خلاف مقتضى الظاهر ، لأن المخاطبين لا ينكرون ذلك ولا يدّعون له شريكا في ذلك ، ولكنهم لما عبدوا أصناما لم تنعم عليهم بذلك كان حالهم كحال من يدّعي أن الأصنام أنعمت عليهم بهذه النّعم ، فنزلوا منزلة من يدّعي الشركة لله في الخلق ، فكان القصر قصر إفراد تخريجا للكلام على خلاف مقتضى الظاهر.
وإنزال الماء من السماء تقدم معناه عند قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ