بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) في سورة البقرة [٢٢].
وذكر في الماء منّتين : الشّراب منه ، والإنبات للشجر والزّرع.
وجملة (لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ) صفة ل (ماءً) ، و (لَكُمْ) متعلق ب (شَرابٌ) قدم عليه للاهتمام ، و (مِنْهُ) خبر مقدم كذلك ، وتقديمه سوّغ أن يكون المبتدأ نكرة.
والشراب : اسم للمشروب ، وهو المائع الذي تشتفّه الشفتان وتبلغه إلى الحلق فيبلع دون مضغ.
و (من) تبعيضية. وقوله تعالى : (وَمِنْهُ شَجَرٌ) نظير قوله : (مِنْهُ شَرابٌ). وأعيد حرف (من) بعد واو العطف لأن حرف (من) هنا للابتداء ، أو للسببية فلا يحسن عطف (شَجَرٌ) على (شَرابٌ).
والشجر : يطلق على النبات ذي الساق الصلبة ، ويطلق على مطلق العشب والكلأ تغليبا.
وروعي هذا التغليب هنا لأنه غالب مرعى أنعام أهل الحجاز لقلة الكلأ في أرضهم ، فهم يرعون الشعاري والغابات. وفي حديث «ضالة الإبل تشرب الماء وترعى الشجر حتى يأتيا ربّها».
ومن الدقائق البلاغية الإتيان بحرف (في) الظرفية ، فالإسامة فيه تكون بالأكل منه والأكل مما تحته من العشب.
والإسامة : إطلاق الإبل للسّوم وهو الرعي. يقال : سامت الماشية فهي سائمة وأسامها ربّها.
(يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١))
جملة (يُنْبِتُ) حال من ضمير (أَنْزَلَ) [سورة النحل : ١٠] ، أي ينبت الله لكم.
وإنما لم يعطف هذا على الجملة (لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ) [سورة النحل : ١٠] لأنّه ليس مما يحصل بنزول الماء وحده بل لا بدّ معه من زرع وغرس.
وهذا الإنبات من دلائل عظيم القدرة الربّانية ، فالغرض منه الاستدلال ممزوجا