وضمائر الخطاب على هذا خطاب للكفار القائلين (مَنْ يُعِيدُنا) والقائلين (مَتى هُوَ).
والباء في (بِحَمْدِهِ) للملابسة ، فهي في معنى الحال ، أي حامدين ، فهم إذا بعثوا خلق فيهم إدراك الحقائق فعلموا أن الحق لله.
ويجوز أن يكون (بِحَمْدِهِ) متعلقا بمحذوف على أنه من كلام النبي صلىاللهعليهوسلم. والتقدير: انطق بحمده ، كما يقال : باسم الله ، أي ابتدئ ، وكما يقال للمعرس : باليمن والبركة ، أي احمد الله على ظهور صدق ما أنبأتكم به ، ويكون اعتراضا بين المتعاطفات.
وقيل : إن قوله : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) استئناف كلام خطاب للمؤمنين فيكون (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) متعلقا بفعل محذوف ، أي اذكروا يوم يدعوكم. والحمد على هذا الوجه محمول على حقيقته ، أي تستجيبون حامدين الله على ما منحكم من الإيمان وعلى ما أعد لكم مما تشاهدون حين انبعاثكم من دلائل الكرامة والإقبال.
وأما جملة (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) فهي عطف على (فَتَسْتَجِيبُونَ) ، أي وتحسبون أنكم ما لبثتم في الأرض إلا قليلا. والمراد : التعجيب من هذه الحالة ، ولذلك جاء في بعض آيات أخرى سؤال المولى حين يبعثون عن مدة لبثهم تعجيبا من حالهم ، قال تعالى : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ* قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [المؤمنون : ١١٢ ـ ١١٤] ، وقال : (فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ) [البقرة : ٢٥٩]. وهذا التعجيب تنديم للمشركين وتأييد للمؤمنين. والمراد هنا : أنهم ظنوا ظنا خاطئا ، وهو محل التعجيب. وأما قوله في الآية الأخرى : (قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فمعناه : أنه وإن طال فهو قليل بالنسبة لأيام الله.
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣))
لما أعقب ما أمر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بتبليغه إلى المشركين من أقوال تعظهم وتنهاهم من قوله تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ) كما تقولون [الإسراء : ٤٢] وقوله : (قُلْ كُونُوا حِجارَةً) [الإسراء : ٥٠] وقوله : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) [الإسراء : ٥١] ثني العنان إلى الأمر بإبلاغ المؤمنين تأديبا ينفعهم في هذا المقام على عادة القرآن في