وإعادة شرط المشيئة في الجملة المعطوفة لتأكيد تسلط المشيئة على الحالتين.
وجملة (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) زيادة لبيان أن الهداية والضلال من جعل الله تعالى ، وأن النبي غير مسئول عن استمرار من استمر في الضلالة. إزالة للحرج عنه فيما يجده من عدم اهتداء من يدعوهم ، أي ما أرسلناك لتجبرهم على الإيمان وإنما أرسلناك داعيا.
والوكيل على الشيء : هو المسئول به. والمعنى : أرسلناك نذيرا وداعيا لهم وما أرسلناك عليهم وكيلا ، فيفيد معنى القصر لأن كونه داعيا ونذيرا معلوم بالمشاهدة فإذا نفي عنه أن يكون وكيلا وملجئا آل إلى معنى : ما أنت إلا نذير.
وضمير (عَلَيْهِمْ) عائد إلى المشركين ، كما عادت إليهم ضمائر (عَلى قُلُوبِهِمْ) [الإسراء : ٤٦] وما بعده من الضمائر اللائقة بهم.
و (عَلَيْهِمْ) متعلق ب (وَكِيلاً). وقدم على متعلقه للاهتمام وللرعاية على الفاصلة.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥))
تماثل القرينتين في فاصلتي هذه الآية من كلمة (وَالْأَرْضِ) وكلمة (عَلى بَعْضٍ) ، يدل دلالة واضحة على أنهما كلام مرتبط بعضه ببعض ، وأن ليس قوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تكملة لآية (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) [الإسراء : ٥٤] الآية.
وتغيير أسلوب الخطاب في قوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ) بعد قوله : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) [الإسراء : ٥٤] إيماء إلى أن الغرض من هذه الجملة عائد إلى شأن من شئون النبيصلىاللهعليهوسلم التي لها مزيد اختصاص به ، تقفية على إبطال أقوال المشركين في شئون الصفات الإلهية ، بإبطال أقوالهم في أحوال النبي. ذلك أن المشركين لم يقبلوا دعوة النبي بغرورهم أنه لم يكن من عظماء أهل بلادهم وقادتهم ، وقالوا : أبعث الله يتيم أبي طالب رسولا ، أبعث الله بشرا رسولا ، فأبكتهم الله بهذا الرد بقوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو العالم حيث يجعل رسالته.
وكان قوله : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كالمقدمة لقوله : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ) النبيئين الآية. أعاد تذكيرهم بأن الله أعلم منهم بالمستأهل للرسالة بحسب