و (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) يجوز أن يكون بدلا من ضمير (يَبْتَغُونَ) بدل بعض ، وتكون (أي) موصولة. والمعنى : الذي هو أقرب من رضى الله يبتغي زيادة الوسيلة إليه ، أي يزداد عملا للازدياد من رضى الله عنه واصطفائه.
ويجوز أن يكون بدلا من جملة (يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) ، و (أي) استفهامية ، أي يبتغون معرفة جواب : أيهم أقرب عند الله.
وأقرب : اسم تفضيل ، ومتعلقه محذوف دل عليه السياق. والتقدير : أيهم أقرب إلى ربهم.
وذكر خوف العذاب بعد رجاء الرحمة للإشارة إلى أنهم في موقف الأدب مع ربهم فلا يزيدهم القرب من رضاه إلا إجلالا له وخوفا من غضبه. وهو تعريض بالمشركين الذين ركبوا رءوسهم وتوغلوا في الغرور فزعموا أن شركاءهم شفعاؤهم عند الله.
وجملة (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) تذييل. ومعنى (كانَ مَحْذُوراً) أن حقيقته تقتضي حذر الموفقين إذ هو جدير بذلك.
(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً (٥٨))
لما عرض بالتهديد للمشركين في قوله : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) [الإسراء : ٥٧] ، وتحداهم بقوله : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ) [الإسراء : ٥٦] جاء بصريح التهديد على مسمع منهم بأن كل قرية مثل قريتهم في الشرك لا يعدوها عذاب الاستيصال وهو يأتي على القرية وأهلها ، أو عذاب الانتقام بالسيف والذل والأسر والخوف والجوع وهو يأتي على أهل القرية مثل صرعى بدر ، كل ذلك في الدنيا. فالمراد : القرى الكافر أهلها لقوله تعالى : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) في سورة هود [١١٧] ، وقوله : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) في سورة القصص [٥٩].
وحذف الصفة في مثل هذا معروف كقوله تعالى : (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف : ٧٩] أي كل سفينة صالحة ، بقرينة قوله : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) [الكهف : ٧٩].
وليس المقصود شمول ذلك القرى المؤمنة ، على معنى أن لا بد للقرى من زوال