دون محاولة إتيانه.
والإرسال يجوز أن يكون حقيقة فيكون مفعول (أَنْ نُرْسِلَ) محذوفا دل عليه فعل (نُرْسِلَ). والتقدير : أن نرسل رسولنا ، فالباء في قوله : (بِالْآياتِ) للمصاحبة ، أي مصاحبا للآيات التي اقتراحها المشركون. ويجوز أن يكون الإرسال مستعارا لإظهار الآيات وإيجادها ، فتكون الباء مزيدة لتأكيد تعلق فعل (نُرْسِلَ بِالْآياتِ) ، وتكون (بِالْآياتِ) مفعولا في المعنى كقوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦].
والتعريف في (بِالْآياتِ) على كلا الوجهين للعهد ، أي المعهودة من اقتراحهم كقولهم : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) ، [الإسراء : ٩٠] و (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) [القصص : ٤٨] و (قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) [الأنعام : ١٢٤] على أحد التأويلين.
و (أن) الأولى مفيدة مصدرا منصوبا على نزع الخافض ، وهو (من) التي يتعدى بها فعل المنع ، وهذا الحذف مطرد مع (أن).
و (أن) الثانية مصدرها فاعل (مَنَعَنا) على الاستثناء المفرغ.
وإسناد المنع إلى تكذيب الأولين بالآيات مجاز عقلي لأن التكذيب سبب الصرف.
والمعنى : أننا نعلم أنهم لا يؤمنون كما لم يؤمن من قبلهم من الكفرة لما جاءتهم أمثال تلك الآيات. فعلم الناس أن الإصرار على الكفر سجية للمشرك لا يقلعها إظهار الآيات ، فلو آمن الأولون عند ما أظهرت لهم الآيات لكان لهؤلاء أن يجعلوا إيمانهم موقوفا على إيجاد الآيات التي سألوها. قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ) كلمات (رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) [يونس : ٩٦ ـ ٩٧].
والأظهر أن هذا تثبيت لأفئدة المؤمنين لئلا يفتنهم الشيطان ، وتسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم لحرصه على إيمان قومه فلعله يتمنى أن يجيبهم الله لما سألوا من الآيات ولحزنه من أن يظنوه كاذبا.
وجملة (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ) في محل الحال من ضمير الجلالة في (مَنَعَنا) ، أي وقد آتينا ثمودا آية كما سألوه فزادوا كفرا بسببها حتى عجل لهم العذاب.
ومعنى (مُبْصِرَةً) واضحة الدلالة ، فهو اسم فاعل أبصر المتعدي إلى مفعول ، أي