هذا الوجه أن ذكرها كان سبب فتنة بحذف مضاف وهو ذكر بقرينة قوله : (الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) لأن ما وصفت به في آيات القرآن لعن لها.
ويجوز أن يكون المعنى : أن إيجادها فتنة. أي عذاب مكرر ، كما قال : (إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) [الصافّات : ٦٣].
والملعونة أي المذمومة في القرآن في قوله : (طَعامُ الْأَثِيمِ) [الدخان : ٤٤] وقوله: (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) [الصافات : ٦٥] وقوله : كالمهل تغلي (فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان : ٤٥ ـ ٤٦]. وقيل معنى الملعونة : أنها موضوعة في مكان اللعنة وهي الإبعاد من الرحمة ، لأنها مخلوقة في موضع العذاب. وفي «الكشاف» : قيل تقول العرب لكل طعام ضار : ملعون.
(وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً).
عطف على جملة (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) [الإسراء: ٥٩] الدال على أنهم متصلبون في كفرهم مكابرون معاندون. وهذه زيادة في تسلية النبيصلىاللهعليهوسلم حتى لا يأسف من أن الله لم يرهم آيات ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم حريص على إيمانهم ، كما قال موسى ـ عليهالسلام ـ (فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٨٨].
ويوجد في بعض التفاسير أن ابن عباس قال : في الشجرة الملعونة بنو أمية. وهذا من الأخبار المختلفة عن ابن عباس ، ولا إخالها إلا مما وضعه الوضاعون في زمن الدعوة العباسية لإكثار المنفرات من بني أمية ، وأن وصف الشجرة بأنها الملعونة في القرآن صريح في وجود آيات في القرآن ذكرت فيها شجرة ملعونة وهي شجرة الزقوم كما علمت. ومثل هذا الاختلاق خروج عن وصايا القرآن في قوله : (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) [الحجرات : ١١].
وجيء بصيغة المضارع في (نُخَوِّفُهُمْ) للإشارة إلى تخويف حاضر ، فإن الله خوفهم بالقحط والجوع حتى رأوا الدخان بين السماء والأرض وسألوا الله كشفه فقال تعالى : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) [الدخان : ١٥] فذلك وغيره من التخويف الذي سبق فلم يزدهم إلا طغيانا. فالظاهر أن هذه الآية نزلت في مدة حصول بعض المخوفات.
وقد اختير الفعل المضارع في (نُخَوِّفُهُمْ) و (يَزِيدُهُمْ) لاقتضائه تكرر التخويف