والباء في (بِخَيْلِكَ) إما لتأكيد لصوق الفعل لمفعوله فهي لمجرد التأكيد. ومجرورها مفعول في المعنى لفعل (أَجْلِبْ) مثل (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦] ؛ وإما لتضمين فعل (أَجْلِبْ) معنى اغزهم فيكون الفعل مضمنا معنى الفعل اللازم وتكون الباء للمصاحبة.
والمشاركة في الأموال : أن يكون للشيطان نصيب في أموالهم وهي أنعامهم وزروعهم إذ سول لهم أن يجعلوا نصيبا في النتاج والحرث للأصنام. وهي من مصارف الشيطان لأن الشيطان هو المسول للناس باتخاذها ، قال تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا) [الأنعام : ١٣٦].
وأما مشاركة الأولاد فهي أن يكون للشيطان نصيب في أحوال أولادهم مثل تسويله لهم أن يئدوا أولادهم وأن يستولدوهم من الزنى ، وأن يسمّوهم بعبدة الأصنام ، كقولهم : عبد العزى ، وعبد اللات ، وزيد مناة ، ويكون انتسابه إلى ذلك الصنم.
ومعنى (عِدْهُمْ) أعطهم المواعيد بحصول ما يرغبونه كما يسول لهم بأنهم إن جعلوا أولادهم للأصنام سلم الآباء من الثكل والأولاد من الأمراض ، ويسول لهم أن الأصنام تشفع لهم عند الله في الدنيا وتضمن لهم النصر على الأعداء ، كما قال أبو سفيان يوم أحد «اعل هبل». ومنه وعدهم بأنهم لا يخشون عذابا بعد الموت لإنكار البعث ، ووعد العصاة بحصول اللذات المطلوبة من المعاصي مثل الزنى والسرقة والخمر والمقامرة.
وحذف مفعول (وَعِدْهُمْ) للتعميم في الموعود به. والمقام دال على أن المقصود أن يعدهم بما يرغبون لأن العدة هي التزام إعطاء المرغوب. وسماه وعدا لأنه يوهمهم حصوله فيما يستقبل فلا يزالون ينتظرونه كشأن الكذاب أن يحتزر عن الإخبار بالعاجل لقرب افتضاحه فيجعل مواعيده كلها للمستقبل.
ولذلك اعترض بجملة (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً).
والغرور : إظهار الشيء المكروه في صورة المحبوب الحسن. وتقدم عند قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) في سورة آل عمران [١٩٦] ، وقوله : (زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) في سورة الأنعام [١١٢]. والمعنى : أن ما سوله لهم الشيطان في حصول المرغوب إما باطل لا يقع ، مثل ما يسوله للناس من العقائد الفاسدة وكونه غرورا لأنه إظهار لما يقع في صورة الواقع فهو تلبيس ؛ وإما حاصل لكنه مكروه غير محمود