سورة الأعراف [٣٨].
وإضافة الضعف إلى الحياة وإلى الممات على معنى (في) ، فإن تقدير معنى (في) بين المتضايفين لا يختص بإضافة ما يضاف إلى الأوقات. فالتقدير : لأذقناك ضعفا في الحياة وضعفا في الممات ، فضعف عذاب الحياة هو تراكم المصائب والأرزاء في مدة الحياة ، أي العمر بزوال ما كان يناله من بهجة وسرور بتمام دعوته وانتظام أمته ، ذلك أن يتمكن منه أعداؤه ، وعذاب الممات أن يموت مكمودا مستذلا بين كفار يرون أنهم قد فازوا عليه بعد أن أشرفوا على السقوط أمامه.
ويشبه أن يكون قوله : (وَضِعْفَ الْمَماتِ) في استمرار ضعف الحياة ، فيكون المعنى : لأذقناك ضعف الحياة حتى الممات.
فليس المراد من ضعف الممات عذاب الآخرة لأن النبي صلىاللهعليهوسلم لو ركن إليهم شيئا قليلا لكان ذلك عن اجتهاد واجتلابا لمصلحة الدين في نظره ، فلا يكون على الاجتهاد عقاب في الآخرة إذ العقاب الأخروي لا يكون إلا على مخالفة في التكليف ، وقد سوغ الله لنبيه الاجتهاد وجعل للمخطئ في اجتهاده أجرا كما قرر في تفسير قوله تعالى : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في سورة الأنفال [٦٨].
وأما مصائب الدنيا وأرزاؤها فهي مسببة على أسباب من الأغلاط والأخطاء فلا يؤثر في التفادي منها حسن النية إن كان صاحبها قد أخطأ وجه الصواب ، فتدبر في هذه المعاني تدبر ذوي الألباب ، ولهذا خولف التعبير المعتاد استعماله لعذاب الآخرة. وعبر هنا ب (ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ).
وجملة (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) معطوفة على جملة (لَأَذَقْناكَ).
وموقعها تحقيق عدم الخلاص من تلك الإذاقة. و (ثم) للترتيب الرتبي لأن عدم الخلاص من العذاب أهم من إذاقته ، فرتبته في الأهمية أرقى. والنصير : الناصر المخلص من الغلبة أو الذي يثأر للمغلوب ، أي لا تجد لنفسك من ينتصر لك فيصدنا عن إلحاق ذلك بك أو يثأر لك منا.
[٧٦ ، ٧٧] (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧))