وجملة (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) اعتراض لتكملة البيان.
والمعنى : أن ذلك كائن لا محالة لأننا أجريناه على الأمم السالفة ولأن عادتنا لا تتحول.
والتعبير ب (لا تَجِدُ) مبالغة في الانتفاء كما في قوله : (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) في سورة الأعراف [١٧].
والتحويل : تغيير الحال وهو التبديل. ومن غريب التفسير أن المراد : أن اليهود قالوا للنبي الحق بأرض الشام فإنها أرض الأنبياء فصدّق النبي قولهم فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله هذه الآية ، وهي رواية باطلة. وسبب غزوة تبوك معروف في كتب الحديث والسير ومن أجل هذه الرواية قال فريق : إن الآية مدنية كما تقدم في صدر السورة.
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨))
كان شرع الصلوات الخمس للأمة ليلة الإسراء ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، ولكنه كان غير مثبت في التشريع المتواتر إنما أبلغه النبي أصحابه فيوشك أن لا يعلمه غيرهم ممن يأتي من المسلمين. وأيضا فقد عينت الآية أوقاتا للصلوات بعد تقرر فرضها ، فلذلك جاءت هذه الآية في هذه السورة التي نزلت عقب حادث الإسراء جمعا للتشريع الذي شرع للأمة أيامئذ المبتدأ بقوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) الآيات [الإسراء : ٢٣].
فالجملة استئناف ابتدائي. ومناسبة موقعها عقب ما قبلها أن الله لما امتن على النبيصلىاللهعليهوسلم بالعصمة وبالنصر ذكره بشكر النعمة بأن أمره بأعظم عبادة يعبده بها ، وبالزيادة منها طلبا لازدياد النعمة عليه ، كما دل عليه قوله في آخر الآية (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسراء : ٧٩].
فالخطاب بالأمر للنبي صلىاللهعليهوسلم ، ولكن قد تقرر من اصطلاح القرآن أن خطاب النبي بتشريع تدخل فيه أمته إلا إذا دل دليل على اختصاصه بذلك الحكم ، وقد علم المسلمون ذلك وشاع بينهم بحيث ما كانوا يسألون عن اختصاص حكم إلا في مقام الاحتمال