إشكال في إفراد هذا السؤال في هذه الآية على هذه الرواية. وبذلك يكون موقع هذه الآية بين الآيات التي قبلها والتي بعدها مسببا على نزولها بين نزول تلك الآيات.
واعلم أنه كان بين قريش وبين أهل يثرب صلات كثيرة من صهر وتجارة وصحبة. وكان لكل يثربي صاحب بمكة ينزل عنده إذا قدم الآخر بلده ، كما كان بين أمية بن خلف وسعد بن معاذ. وقصتهما مذكورة في حديث غزوة بدر من «صحيح البخاري».
روى ابن إسحاق أن قريشا بعثوا النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بيثرب يسألانهم عن أمر النبي صلىاللهعليهوسلم فقال اليهود لهما : سلوه عن ثلاثة. وذكروا لهم أهل الكهف وذا القرنين وعن الروح كما سيأتي في سورة الكهف ، فسألته قريش عنها فأجاب عن أهل الكهف وعن ذي القرنين بما في سورة الكهف ، وأجاب عن الروح بما في هذه السورة.
وهذه الرواية تثير إشكالا في وجه فصل جواب سؤال الروح عن المسألتين الأخريين بذكر جواب مسألة الروح في سورة الإسراء وهي متقدمة في النزول على سورة الكهف.
ويدفع الإشكال أنه يجوز أن يكون السؤال عن الروح وقع منفردا أول مرة ثم جمع مع المسألتين الأخريين ثاني مرة.
ويجوز أن تكون آية سؤال الروح مما ألحق بسورة الإسراء كما سنبينه في سورة الكهف. والجمهور على أن الجميع نزل بمكة ، قال الطبري عن عطاء بن يسار : نزل قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) بمكة.
وأما ما روي في «صحيح البخاري» عن ابن مسعود أنه قال : «بينما أنا مع النبي في حرث بالمدينة إذ مر اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح ، فسألوه عن الروح فأمسك النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يردّ عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه ، فقمت مقامي ، فلما نزل الوحي قال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الآية. فالجمع بينه وبين حديث ابن عباس المتقدم: أن اليهود لما سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم قد ظن النبي أنهم أقرب من قريش إلى فهم معنى الروح فانتظر أن ينزل عليه الوحي بما يجيبهم به أبين مما أجاب به قريشا ، فكرر الله تعالى إنزال الآية التي نزلت بمكة أو أمره أن يتلوها عليهم ليعلم أنهم وقريشا سواء في العجز عن إدراك هذه الحقيقة أو أن الجواب لا يتغير.
هذا ، والذي يترجح عندي : أن فيما ذكره أهل السير تخليطا ، وأن قريشا استقوا من