معهم اجتمعوا بعد غروب الشمس عند الكعبة وبعثوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أن يأتيهم. فأسرع إليهم حرصا على هداهم ، فعاتبوه على تسفيه أحلامهم والطعن في دينهم. وعرضوا عليه ما يشاء من مال أو تسويد. وأجابهم بأنه رسول من الله إليهم لا يبتغي غير نصحهم ، فلما رأوا منه الثبات انتقلوا إلى طلب بعض ما حكاه الله عنهم في هذه الآية.
وروي أن الذي سأل ما حكي بقوله تعالى : (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) إلى آخره ، هو عبد الله بن أبي أمية المخزومي.
وحكى الله امتناعهم عن الإيمان بحرف (لن) لمفيد للتأييد لأنهم كذلك قالوه.
والمراد بالأرض : أرض مكة ، فالتعريف للعهد. ووجه تخصيصها أن أرضها قليلة المياه بعيدة عن الجنات.
والتفجير : مصدر فجر بالتشديد مبالغة في الفجر ، وهو الشق باتساع. ومنه سمي فجر الصباح فجرا لأن الضوء يشق الظلمة شقا طويلا عريضا ، فالتفجير أشد من مطلق الفجر وهو تشقيق شديد باعتبار اتساعه. ولذلك ناسب الينبوع هنا والنهر في قوله تعالى : (وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً) [الكهف : ٣٣] وقوله : (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ).
وقرأه الجمهور ـ بضم التاء وتشديد الجيم ـ على أنه مضارع (فجر) المضاعف. وقرأه عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ـ بفتح التاء وسكون الفاء وضم الجيم مخففة ـ على أنه مضارع فجر كنصر ، فلا التفات فيها للمبالغة لأن الينبوع يدل على المقصود أو يعبر عن مختلف أقوالهم الدالة على التصميم في الامتناع.
ومعنى (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) لن نصدقك أنك رسول الله إلينا.
والإيمان : التصديق. يقال : آمنه ، أي صدقه. وكثر أن يعدى إلى المفعول باللام ، قال تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) [يوسف : ١٧] وقال : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) [العنكبوت :٢٦]. وهذه اللام من قبيل ما سماه في «مغني اللبيب» لام التبيين. وغفل عن التمثيل لها بهذه الآية ونحوها ، فإن مجرور اللام بعد فعل (نُؤْمِنَ) مفعول لا التباس له بالفاعل وإنما تذكر اللام لزيادة البيان والتوكيد. وقد يقال : إنها لدفع التباس مفعول فعل «آمن» بمعنى صدق بمفعول فعل (آمن) إذا جعله أمينا. وتقدم قوله تعالى ؛ (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) في سورة يونس : [٨٣].
والينبوع : اسم للعين الكثيرة النبع التي لا ينضب ماؤها. وصيغة يفعول صيغة مبالغة