غير قياسية ، والينبوع مشتقة من مادة النبع ؛ غير أن الأسماء الواردة على هذه الصيغة مختلفة ، فبعضها ظاهر اشتقاقه كالينبوع والينبوت ، وبعضها خفي كاليعبوب للفرس الكثير الجري. وقيل : اشتق من العب المجازي. ومنه أسماء معربة جاء تعريبها على وزن يفعول مثل ؛ يكسوم اسم قائد حبشي ، ويرموك اسم نهر. وقد استقرى الحسن الصاغاني ما جاء من الكلمات في العربية على وزن يفعول في مختصر له مرتب على حروف المعجم. وقال السيوطي في «المزهر» : إن ابن دريد عقد له في «الجمهرة» بابا.
والجنة ، والنخيل ، والعنب ، والأنهار تقدمت في قوله : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) في سورة البقرة [٢٦٦].
وخصوا هذه الجنة بأن تكون له ، لأن شأن الجنة أن تكون خاصة لملك واحد معين ، فأروه أنهم لا يبتغون من هذا الاقتراح نفع أنفسهم ولكنهم يبتغون حصوله ولو كان لفائدة المقترح عليه. والمقترح هو تفجير الماء في الأرض القاحلة ، وإنما ذكروا وجود الجنة تمهيدا لتفجير أنهار خلالها فكأنهم قالوا : حتى تفجر لنا ينبوعا يسقي الناس كلهم ، أو تفجر أنهارا تسقي جنة واحدة تكون تلك الجنة وأنهارها لك. فنحن مقتنعون بحصول ذلك لا بغية الانتفاع منه. وهذا كقولهم : (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ).
وذكر المفعول المطلق بقوله : (تَفْجِيراً) للدلالة على التكثير لأن (تَفْجُرَ) قد كفى في الدلالة على المبالغة في الفجر ، فتعين أن يكون الإتيان بمفعوله المطلق للمبالغة في العدد ، كقوله تعالى : (وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) [الإسراء : ١٠٦] ، وهو المناسب لقوله : (خِلالَها) ، لأن الجنة تتخللها شعب النهر لسقي الأشجار. فجمع الأنهار باعتبار تشعب ماء النهر إلى شعب عديدة. ويدل لهذا المعنى إجماع القراء على قراءة (فَتُفَجِّرَ) هنا بالتشديد مع اختلافهم في الذي قبله. وهذا من لطائف معاني القراءات المروية عن النبيصلىاللهعليهوسلم فهي من أفانين إعجاز القرآن.
وقولهم : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) انتقال من تحديه بخوارق فيها منافع لهم إلى تحديه بخوارق فيها مضرتهم ، يريدون بذلك التوسيع عليه ، أي فليأتهم بآية على ذلك ولو في مضرتهم. وهذا حكاية لقولهم كما قالوا. ولعلهم أرادوا به الإغراق في التعجيب من ذلك فجمعوا بين جعل الإسقاط لنفس السماء. وعززوا تعجيبهم بالجملة المعترضة وهي (كَما زَعَمْتَ) إنباء بأن ذلك لا يصدق به أحد. وعنوا به قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) [سبأ : ٩] وبقوله : (وَإِنْ