والخطاب في (فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) للنبي صلىاللهعليهوسلم لأن هذا الكلام مسوق لتسليته على عدم استجابتهم له ، فنفي وجدان الأولياء كناية عن نفي وجود الأولياء لهم لأنهم لو كانوا موجودين لوجدهم هو وعرفهم.
والأولياء : الأنصار ، أي لن تجد لهم أنصارا يخلصونهم من جزاء الضلال وهو العذاب. ويجوز أن يكون الأولياء بمعنى متولي شأنهم ، أي لن تجد لهم من يصلح حالهم فينقلهم من الضلال كقوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة : ٢٥٧].
وجمع الأولياء باعتبار مقابلة الجمع بالجمع ، أي لن تجد لكل واحد وليا ولا لجماعته وليا ، كما يقال : ركب القوم دوابهم.
و (مِنْ دُونِهِ) أي غيره.
(وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) ذكر المقصود من نفي الولي أو المآل له بذكر صورة عقابهم بقوله : (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) الآية.
والحشر : جمع الناس من مواضع متفرقة إلى مكان واحد. ولما كان ذلك يستدعي مشيهم عدي الحشر بحرف (على) لتضمينه معنى (يمشون. وقد فهم الناس ذلك من الآية فسألوا النبي صلىاللهعليهوسلم كيف يمشون على وجوههم؟ فقال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم. والمقصود من ذلك الجمع بين التشويه والتعذيب لأن الوجه أرق تحملا لصلابة الأرض من الرجل.
وهذا جزاء مناسب للجرم ، لأنهم روّجوا الضلالة في صورة الحق ووسموا الحق بسمات الضلال فكان جزاؤهم أن حولت وجوههم أعضاء مشي عوضا عن الأرجل. ثم كانوا (عُمْياً وَبُكْماً) جزاء أقوالهم الباطلة على الرسول وعلى القرآن ، و (صُمًّا) جزاء امتناعهم من سماع الحق ، كما قال تعالى عنهم : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [فصّلت : ٥]. وقال عنهم : (قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) [طه :