١٢٥ ـ ١٢٦] ، وقال عنهم : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) [الإسراء : ٧٢] أي من كان أعمى عن الحق فهو في الحشر يكون محروما من متعة النظر. وهذه حالتهم عند الحشر.
والمأوى محل الأويّ ، أي النزول بالمأوى. أي المنزل والمقر.
وخبت النار خبوّا وخبوا. نقص لهيبها.
والسعير : لهب النار ، وهو مشتق من سعّر النار إذا هيج وقودها. وقد جرى الوصف فيه على التذكير تبعا لتذكير اللهب. والمعنى : زدناهم لهبا فيها.
وفي قوله : (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) إشكال لأن نار جهنم لا تخبو. وقد قال تعالى : (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) [البقرة : ٨٦]. فعن ابن عباس : أن الكفرة وقود للنار قال تعالى : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) [البقرة : ٢٤] فإذا أحرقتهم النار زال اللهب الذي كان متصاعدا من أجسامهم فلا يلبثون أن يعادوا كما كانوا فيعود الالتهاب لهم.
فالخبوّ وازدياد الاشتعال بالنسبة إلى أجسادهم لا في أصل نار جهنم. ولهذه النكتة سلط فعل (زِدْناهُمْ) على ضمير المشركين للدلالة على أن ازدياد السعير كان فيهم ، فكأنه قيل : كلما خبت فيهم زدناهم سعيرا ، ولم يقل : زدناهم سعيرا.
وعندي : أن معنى الآية جار على طريق التهكّم وبادئ الإطماع المسفر عن خيبة ، لأنه جعل ازدياد السعير مقترنا بكل زمان من أزمنة الخبوّ ، كما تفيده كلمة (كلما) التي هي بمعنى كل زمان. وهذا في ظاهره إطماع بحصول خبو لورود لفظ الخبو في الظاهر ، ولكنه يؤول إلى يأس منه إذ يدل على دوام سعيرها في كل الأزمان ، لاقتران ازدياد سعيرها بكل أزمان خبوها. فهذا الكلام من قبيل التمليح ، وهو من قبيل قوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] ، وقول إياس القاضي للخصم الذي سأله : على من قضيت؟ فقال : على ابن أخت خالك.
(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨))
استئناف بياني لأن العقاب الفظيع المحكي يثير في نفوس السامعين السؤال عن سبب تركب هذه الهيئة من تلك الصورة المفظعة ، فالجواب بأن ذلك بسبب الكفر بالآيات