بعض المفسرين ، واستقربه الطيبي ، ولكن جمهرة المفسرين على أنه عائد إلى الله تعالى. ولعل احتماله للمعنيين مقصود.
وقد تجيء الآيات محتملة عدّة معان. واحتمالها مقصود تكثيرا لمعاني القرآن ، ليأخذ كل منه على مقدار فهمه كما ذكرنا في المقدمة التاسعة. وأياما كان فموقع (إنّ) التوكيد والتعليل كما يؤذن به فصل الجملة عما قبلها.
وهي إما تعليل لإسناد فعل (لِنُرِيَهُ) إلى فاعله ؛ وإما تعليل لتعليقه بمفعوله ، فيفيد أن تلك الإراءة من باب الحكمة ، وهي إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي ، فهو من إيتاء الحكمة من هو أهلها.
والتعليل على اعتبار مرجع الضمير إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أوقع ، إذ لا حاجة إلى تعليل إسناد فعل الله تعالى لأنه محقق معلوم. وإنما المحتاج للتعليل هو إعطاء تلك الإراءة العجيبة لمن شك المشركون في حصولها له ومن يحسبون أنه لا يطيقها مثله.
على أن الجملة مشتملة على صيغة قصر بتعريف المسند باللام وبضمير الفصل قصرا مؤكدا ، وهو قصر موصوف على صفة قصرا إضافيا للقلب ، أي هو المدرك لما سمعه وأبصره لا الكاذب ولا المتوهم كما زعم المشركون. وهذا القصر يؤيد عود الضمير إلى النبيصلىاللهعليهوسلم لأنه المناسب للرد. ولا ينازع المشركون في أن الله سميع وبصير إلا على تأويل ذلك بأنه المسمع والمبصر لرسوله الذي كذبتموه ، فيؤول إلى تنزيه الرسول عن الكذب والتوهم.
ثم إن الصفتين على تقدير كونهما للنبي صلىاللهعليهوسلم هما على أصل اشتقاقهما للمبالغة في قوة سمعه وبصره وقبولهما لتلقي تلك المشاهدات المدهشة ، على حد قوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) [النجم : ١٧] ، وقوله : (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى)[النجم : ١٢].
وأما على تقدير كونهما صفتين لله تعالى فالمناسب أن تؤولا بمعنى المسمع المبصر ، أي القادر على إسماع عبده وإبصاره ، كما في قول عمرو بن معد يكرب :
أمن ريحانة الداعي السميع
أي المسمع.
وقد اختلف السلف في الإسراء أكان بجسد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مكة إلى بيت المقدس