٢٨ والإصحاح ٣٠) ، فيكون العدول عن الإضمار إلى إظهار لفظ (الكتاب) لمجرد الاهتمام.
ويجوز أن يكون الكتاب بعض كتبهم الدينية. فتعريف (الكتاب) تعريف الجنس وليس تعريف العهد الذكري ، إذ ليس هو الكتاب المذكور آنفا في قوله : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) [الإسراء : ٢] لأنه لما أظهر اسم الكتاب أشعر بأنه كتاب آخر من كتبهم ، وهو الأسفار المسماة بكتب الأنبياء : أشعياء ، وأرميا ، وحزقيال ، ودانيال ، وهي في الدرجة الثانية من التوراة. وكذلك كتاب النبي ملاخي.
والإفساد مرتين ذكر في كتاب أشعياء وكتاب أرمياء.
ففي كتاب أشعياء نذارات في الإصحاح الخامس والعاشر. وأولى المرتين مذكورة في كتاب أرمياء في الإصحاح الثاني والإصحاح الحادي والعشرين وغيرهما. وليس المراد بلفظ الكتاب كتابا واحدا فإن المفرد المعرف ـ بلام الجنس ـ يراد به المتعدد. وعن ابن عباس الكتاب أكثر من الكتب. ويجوز أن يراد بالكتاب التوراة وكتب الأنبياء ولذلك أيضا وقع بالإظهار دون الإضمار.
وجملة (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) ـ إلى قوله ـ (حَصِيراً) مبيّنة لجملة (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ). وأيّا ما كان فضمائر الخطاب في هذه الجملة مانعة من أن يكون المراد بالكتاب في قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) اللوح المحفوظ أو كتاب الله ، أي علمه.
وهذه الآية تشير إلى حوادث عظيمة بين بني إسرائيل وأعدائهم من أمتين عظيمتين : حوادث بينهم وبين البابليين ، وحوادث بينهم وبين الرومانيين. فانقسمت بهذا الاعتبار إلى نوعين : نوع منهما تندرج فيه حوادثهم مع البابليين ، والنوع الآخر حوادثهم مع الرومانيين ، فعبر عن النوعين بمرتين لأن كل مرة منهما تحتوي على عدة ملاحم.
فالمرة الأولى هي مجموع حوادث متسلسلة تسمى في التاريخ بالأسر البابلي وهي غزوات (بختنصر) ملك بابل وأشور بلاد أورشليم. والغزو الأول كان سنة ٦٠٦ قبل المسيح ، أسر جماعات كثيرة من اليهود ويسمى الأسر الأول. ثم غزاهم أيضا غزوا يسمى الأسر الثاني ، وهو أعظم من الأول ، كان سنة ٥٩٨ قبل المسيح ، وأسر ملك يهوذا وجمعا غفيرا من الإسرائيليين وأخذ الذهب الذي في هيكل سليمان وما فيه من الآنية