النفيسة.
والأسر الثالث المبير سنة ٥٨٨ قبل المسيح غزاهم «بختنصر» وسبى كل شعب يهوذا ، وأحرق هيكل سليمان ، وبقيت أورشليم خرابا يبابا. ثم أعادوا تعميرها كما سيأتي عند قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) [الإسراء : ٦].
وأما المرة الثانية فهي سلسلة غزوات الرومانيين بلاد أورشليم. وسيأتي بيانها عند قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) [الإسراء : ٦] الآية.
وإسناد الإفساد إلى ضمير بني إسرائيل مفيد أنه إفساد من جمهورهم بحيث تعد الأمة كلّها مفسدة وإن كانت لا تخلو من صالحين.
والعلو في قوله : (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) مجاز في الطغيان والعصيان كقوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) [القصص : ٤] وقوله : (إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) [الدخان : ٣١] وقوله : (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) [النمل : ٣١] تشبيها للتكبر والطغيان بالعلو على الشيء لامتلاكه تشبيه معقول بمحسوس.
وأصل (وَلَتَعْلُنَ) لتعلووننّ. وأصل (لَتُفْسِدُنَ) لتفسدونن.
والوعد مصدر بمعنى المفعول ، أي موعود أولى المرتين ، أي الزمان المقدر لحصول المرة الأولى من الإفساد والعلو ، كقوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ)[الكهف : ٩٨].
ومثل ذلك قوله : (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) أي معمولا ومنفذا.
وإضافة (وَعْدُ) إلى (أُولاهُما) بيانية ، أي الموعود الذي هو أولى المرتين من الإفساد والعلو.
والبعث مستعمل في تكوين السير إلى أرض إسرائيل وتهيئة أسبابه حتى كأن ذلك أمر بالمسير إليهم كما مر في قوله : (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) في سورة الأعراف [١٦٧] ، وهو بعث تكوين وتسخير لا بعث بوحي وأمر.
وتعدية (بَعَثْنا) بحرف الاستعلاء لتضمينه معنى التسليط كقوله : (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ) [الأعراف : ١٦٧].
والعباد : المملوكون ، وهؤلاء عباد مخلوقية ، وأكثر ما يقال : عباد الله. ويقال : عبيد ، بدون إضافة ، نحو (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦] ، فإذا قصد المملوكون