بالرق قيل : عبيد ، لا غير. والمقصود بعباد الله هنا الأشوريون أهل بابل وهم جنود بختنصر.
والبأس : الشوكة والشدة في الحرب. ووصفه بالشديد لقوته في نوعه كما في آية سورة سليمان [النمل : ٣٣] : (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ).
وجملة (فَجاسُوا) عطف على (بَعَثْنا) فهو من المقضي في الكتاب. والجوس : التخلل في البلاد وطرقها ذهابا وإيابا لتتبع ما فيها. وأريد به هنا تتبّع المقاتلة فهو جوس مضرة وإساءة بقرينة السياق.
و (خلال) اسم جاء على وزن الجموع ولا مفرد له ، وهو وسط الشيء الذي يتخلل منه. قال تعالى : (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [الروم : ٤٨].
والتعريف في (الدِّيارِ) تعريف العهد ، أي دياركم ، وذلك أصل جعل (ال) عوضا عن المضاف إليه. وهي ديار بلد أورشليم فقد دخلها جيش بختنصر وقتل الرجال وسبى ، وهدم الديار ، وأحرق المدينة وهيكل سليمان بالنار. ولفظ (الديار) يشمل هيكل سليمان لأنه بيت عبادتهم ، وأسر كل بني إسرائيل وبذلك خلت بلاد اليهود منهم. ويدل لذلك قوله في الآية الآتية : (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
[٦ ـ ٨] (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (٨))
(ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (٦) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها).
عطف جملة (فَجاسُوا) [الإسراء : ٥] فهو من تمام جواب (إذا) من قوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) [الإسراء : ٥] ، ومن بقية المقضي في الكتاب ، وهو ماض لفظا مستقبل معنى ، لأن (إذا) ظرف لما يستقبل. وجيء به في صيغة الماضي لتحقيق وقوع ذلك. والمعنى : نبعث عليكم عبادا لنا فيجوسون ونرد لكم الكرة عليهم ونمددكم بأموال وبنين ونجعلكم أكثر نفيرا.