ادعو بهن لعاقر أو مطفل |
|
بذلت لجيران الجميع لحامها |
وقوله : (دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) مصدر يفيد تشبيها ، أي يستعجل الشر كاستعجاله الخير ، يعني يستبطئ حلول الوعيد كما يستبطئ أحد تأخر خير وعد به.
وقوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) تذييل ، فالإنسان هنا مراد به الجنس لأنه المناسب للتذييل ، أي وما هؤلاء الكافرون الذين لا يؤمنون بالآخرة إلا من نوع الإنسان ، وفي نوع الإنسان الاستعجال فإن (كان) تدل على أن اسمها متصف بخبرها اتصافا متمكنا كقوله تعالى : (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) [الكهف : ٥٤].
والمقصود من قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) الكناية عن عدم تبصره وأن الله أعلم بمقتضى الحكمة في توقيت الأشياء (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) [يونس : ١١] ، ولكنه درّج لهم وصول الخير والشر لطفا بهم في الحالين.
والباء في قوله : (بِالشَّرِّ) و (بِالْخَيْرِ) لتأكيد لصوق العامل بمعموله كالتي في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦] ؛ أو لتضمين مادة الدعاء معنى الاستعجال ، فيكون كقوله تعالى : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها)[الشورى : ١٨].
وعجول : صيغة مبالغة في عاجل. يقال : عجل فهو عاجل وعجول.
وكتب في المصحف (وَيَدْعُ) بدون واو بعد العين إجراء لرسم الكلمة على حالة النطق بها في الوصل كما كتب (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) [العلق : ١٨] ونظائرها. قال الفراء : لو كتبت بالواو لكان صوابا.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢))
عطف على (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) [الإسراء : ١١] ، إلخ. والمناسبة أن جملة (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) تتضمن أن الإبطاء تأخير الوعد لا يرفعه وأن الاستعجال لا يجدي صاحبه لأن لكل شيء أجلا ، ولما كان الأجل عبارة عن أزمان كان مشتملا على ليل ونهار متقضّيين. وهذا شائع عند الناس في أن الزمان متقض وإن طال.
فلما أريد التنبيه على ذلك أدمج فيه ما هو أهم في العبرة بالزمنين وهو كونهما آيتين على وجود الصانع وعظيم القدرة ، وكونهما منتين على الناس ، وكون الناس ربما كرهوا