أجدّك لم تسمع وصاة محمد |
|
نبيء الإله حين أوصى وأشهدا |
فإياك والميتات لا تأكلنها |
|
ولا تأخذن سهما حديدا لتفصدا |
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه |
|
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا |
وذا الرحم القربى فلا تقطعنه |
|
لفاقته ولا الأسير المقيدا |
ولا تسخرن من بائس ذي ضرارة |
|
ولا تحسبن المال للمرء مخلدا |
ولا تقربنّ جارة إن سرها |
|
عليك حرام فانكحنّ أو تأبّدا (١) |
وافتتحت هذه الأحكام والوصايا بفعل القضاء اهتماما به وأنه مما أمر الله به أمرا جازما وحكما لازما ، وليس هو بمعنى التقدير كقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) [الإسراء : ٤] لظهور أن المذكورات هنا مما يقع ولا يقع.
و (أن) يجوز أن تكون تفسيرية لما في (قضى) من معنى القول. ويجوز أن تكون مصدرية مجرورة بباء جر مقدرة ، أي قضى بأن لا تعبدوا. وابتدئ هذا التشريع بذكر أصل التشريعية كلها وهو توحيد الله ، فذلك تمهيد لما سيذكر بعده من الأحكام.
وجيء بخطاب الجماعة في قوله : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) لأن النهي يتعلق بجميع الناس وهو تعريض بالمشركين.
والخطاب في قوله : (رَبُّكَ) للنبي صلىاللهعليهوسلم كالذي في قوله قبل : (مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ) [الإسراء : ٢٠] ، والقرينة ظاهرة. ويجوز أن يكون لغير معين فيعم الأمة والمآل واحد.
وابتدئ التشريع بالنهي عن عبادة غير الله لأن ذلك هو أصل الإصلاح ، لأن إصلاح التفكير مقدم على إصلاح العمل ، إذ لا يشاق العقل إلى طلب الصالحات إلا إذا كان صالحا. وفي الحديث : «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب». وقد فصلت ذلك في كتابي المسمى «أصول النظام الاجتماعي في الإسلام».
(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً)
__________________
(١) التأبد : التعزب.