وقرأ الجمهور (خِطْأً) ـ بكسر الخاء وسكون الطاء بعدها همزة ـ ، أي إثما. وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر ، وأبو جعفر (خِطْأً) ـ بفتح الخاء وفتح الطاء ـ. والخطأ ضد الصواب ، أي أن قتلهم محض خطأ ليس فيه ما يعذر عليه فاعله.
وقرأه ابن كثير خطاء ـ بكسر الخاء وفتح الطاء وألف بعد الطاء بعده همزة ممدودا ـ. وهو فعال من خطئ إذا أجرم ، وهو لغة في خطء ، وكأن الفعال فيها للمبالغة. وأكد ب (إن) لتحقيقه ردا على أهل الجاهلية إذ كانوا يزعمون أن وأد البنات من السداد ، ويقولون : دفن البنات من المكرمات. وأكد أيضا بفعل (كان) لإشعار (كان) بأن كونه إثما أمرا استقر.
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢))
عطف هذا النهي على النهي عن وأد البنات إيماء إلى أنهم كانوا يعدون من أعذارهم في وأد البنات الخشية من العار الذي قد يلحق من جراء إهمال البنات الناشئ عن الفقر الرامي بهن في مهاوي العهر ، ولأن في الزنى إضاعة نسب النسل بحيث لا يعرف للنسل مرجع يأوي إليه وهو يشبه الوأد في الإضاعة.
وجرى الإضمار فيه بصيغة الجمع كما جرى في قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) [الإسراء : ٣١] لمثل ما وجه به تغيير الأسلوب هنالك فإن المنهي عنه هنا كان من غالب أحوال أهل الجاهلية.
وهذه الوصية الثامنة من الوصايا الإلهية بقوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣].
والقرب المنهي عنه هو أقل الملابسة ، وهو كناية عن شدة النهي عن ملابسة الزنا ، وقريب من هذا المعنى قولهم : ما كاد يفعل.
والزنى في اصطلاح الإسلام مجامعة الرجل امرأة غير زوجة له ولا مملوكة غير ذات الزوج. وفي الجاهلية الزنى : مجامعة الرجل امرأة حرة غير زوج له وأما مجامعة الأمة غير المملوكة للرجل فهو البغاء.
وجملة (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) تعليل للنهي عن ملابسته تعليلا مبالغا فيه من جهات بوصفه بالفاحشة الدال على فعلة بالغة الحد الأقصى في القبح ، وبتأكيد ذلك بحرف