مناسبتها وأبطلنا أن تكون مكية في صدر هذه السورة.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (٣٤))
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ)
هذا من أهم الوصايا التي أوصى الله بها في هذه الآيات ، لأن العرب في الجاهلية كانوا يستحلون أموال اليتامى لضعفهم عن التفطن لمن يأكل أموالهم وقلة نصيرهم لإيصال حقوقهم ، فحذر الله المسلمين من ذلك لإزالة ما عسى أن يبقى في نفوسهم من أثر من تلك الجاهلية. وقد تقدم القول في نظير هذه الآية في سورة الأنعام. وهذه الوصية العاشرة.
والقول في الإتيان بضمير الجماعة المخاطبين كالقول في سابقيه لأن المنهي عنه من أحوال أهل الجاهلية.
(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) أمروا بالوفاء بالعهد. والتعريف في (الْعَهْدَ) للجنس المفيد للاستغراق يشمل العهد الذي عاهدوا عليه النبي ، وهو البيعة على الإيمان والنصر. وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ)
في سورة النحل [٩١] وقوله : (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) في سورة الأنعام [١٥٢].
وهذا التشريع من أصول حرمة الأمة في نظر الأمم والثقة بها للانزواء تحت سلطانها. وقد مضى القول فيه في سورة الأنعام. والجملة معطوفة على التي قبلها. وهي من عداد ما وقع بعد (أن) التفسيرية من قوله : (أَلَّا تَعْبُدُوا) الآيات [الإسراء : ٢٣]. وهي الوصية الحادية عشرة.
وجملة (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) تعليل للأمر ، أي للإيجاب الذي اقتضاه ، وإعادة لفظ (الْعَهْدَ) في مقام إضماره للاهتمام به ، ولتكون هذه الجملة مستقلة فتسري مسرى المثل.
وحذف متعلق (مَسْؤُلاً) لظهوره ، أي مسئولا عنه ، أي يسألكم الله عنه يوم القيامة.