وعن عمر بن الخطاب : أنه رأى غلاما يتبختر في مشيته فقال له : «إن البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله» يعني لأنها يرهب بها العدو إظهارا للقوة على أعداء الدين في الجهاد.
وإظهار اسم (الأرض) في قوله : (لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) دون إضمار ليكون هذا الكلام مستقلا عن غيره جاريا مجرى المثل.
(كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨))
تذييل للجمل المتقدمة ابتداء من قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣] باعتبار ما اشتملت عليه من التحذيرات والنواهي. فكل جملة فيها أمر هي مقتضية نهيا عن ضده ، وكل جملة فيها نهي هي مقتضية شيئا منهيا عنه ، فقوله : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) يقتضي عبادة مذمومة منهيا عنها ، وقوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [الإسراء : ٢٣] يقتضي إساءة منهيا عنها ، وعلى هذا القياس.
وقرأ الجمهور سيئة ـ بفتح الهمزة بعد المثناة التحتية وبهاء تأنيث في آخره ، وهي ضد الحسنة.
فالذي وصف بالسيئة وبأنه مكروه لا يكون إلا منهيا عنه أو مأمورا بضده إذ لا يكون المأمور به مكروها للآمر به ، وبهذا يظهر للسامع معان اسم الإشارة في قوله : (كُلُّ ذلِكَ).
وإنما اعتبر ما في المذكورات من معاني النهي لأن الأهم هو الإقلاع عما يقتضيه جميعها من المفاسد بالصراحة أو بالالتزام ، لأن درء المفاسد أهم من جلب المصالح في الاعتبار وإن كانا متلازمين في مثل هذا.
وقوله : (عِنْدَ رَبِّكَ) متعلق ب (مَكْرُوهاً) أي هو مذموم عند الله. وتقديم هذا الظرف على متعلقه للاهتمام بالظرف إذ هو مضاف لاسم الجلالة ، فزيادة (عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) لتشنيع الحالة ، أي مكروها فعله من فاعله. وفيه تعريض بأن فاعله مكروه عند الله.
وقرأ ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف (كانَ سَيِّئُهُ) ـ بضم الهمزة وبهاء ضمير في آخره ـ. والضمير عائد إلى (كُلُّ ذلِكَ) ، و (كُلُّ ذلِكَ) هو نفس السيئ فإضافة (سيئ) إلى ضميره إضافة بيانية تفيد قوة صفة السيئ حتى كأنه شيئان يضاف