الاستحالة في ظنهم ، فالإنكار متسلط على جملة (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ). وقوة إنكار ذلك مقيد بحالة الكون عظاما ورفاتا ، وأصل تركيب الجملة : أإنا لمبعوثون إذا كنا عظاما ورفاتا.
وليس المقصود من الظرف التقييد ، لأن الكون عظاما ورفاتا ثابت لكل من يموت فيبعث.
والبعث : الإرسال. وأطلق هنا على إحياء الموتى ، لأن الميت يشبه الماكث في عدم مبارحة مكانه.
والعظام : جمع عظم ، وهو ما منه تركيب الجسد للإنسان والدواب. ومعنى (كُنَّا عِظاماً) أنهم عظام لا لحم عليها.
والرفات : الأشياء المرفوتة ، أي المفتتة. يقال : رفت الشيء إذا كسره كسرا دقيقة. ووزن فعال يدل على مفعول أفعال التجزئة مثل الدقاق والحطام والجذاذ والفتات.
و (خَلْقاً جَدِيداً) حال من ضمير «مبعوثون». وذكر الحال لتصوير استحالة البعث بعد الفناء لأن البعث هو الإحياء ، فإحياء العظام والرفات محال عندهم ، وكونهم خلقا جديدا أدخل في الاستحالة.
والخلق : مصدر بمعنى المفعول ، ولكونه مصدرا لم يتبع موصوفه في الجمع.
[٥٠ ـ ٥٢] (قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (٥٠) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (٥١) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢))
جواب عن قولهم : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) [الإسراء: ٤٩]. أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يجيبهم بذلك.
وقرينة ذلك مقابلة فعل (كُنَّا) [الإسراء : ٤٩] في مقالهم بقوله : (كُونُوا) ، ومقابلة (عِظاماً وَرُفاتاً) في مقالهم بقوله : (حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) إلخ ، مقابلة أجسام واهية بأجسام صلبة. ومعنى الجواب أن وهن الجسم مساو لصلابته بالنسبة إلى قدرة الله تعالى على تكييفه كيف يشاء.