أبهج فيزيد الاتصال بين القرينين.
والذكر ، هنا : ذكر اللسان. وتقدم عند قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) في سورة البقرة [٤٠]. أعني بيان العلل والتوجيهات وكشف الغوامض.
وإحداث الذكر : إنشاؤه وإبرازه ، كقول ذي الرمة :
أحدثنا لخالقها شكرا
وقرأ نافع (فَلا تَسْئَلْنِي) ـ بالهمز وبفتح اللام وتشديد النون ـ على أنه مضارع سأل المهموز مقترنا بنون التوكيد الخفيفة المدغمة في نون الوقاية وبإثبات ياء المتكلم.
وقرأ ابن عامر مثله ، لكن بحذف ياء المتكلم. وقرأ البقية (تَسْئَلْنِي) ـ بالهمز وسكون اللام وتخفيف النون ـ. وأثبتوا ياء المتكلم.
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١))
أي فعقب تلك المحاورة أنهما انطلقا. والانطلاق : الذهاب والمشي ، مشتق من الإطلاق وهو ضد التقييد ، لأن الدابة إذا حلّ عقالها مشت. فأصله مطاوع أطلقه.
و (حتى) غاية للانطلاق. أي إلى أن ركبا في السفينة.
و (حتى) ابتدائية ، وفي الكلام إيجاز دل عليه قوله : (إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ). أصل الكلام : حتى استأجرا سفينة فركباها فلما ركبا في السفينة خرقها.
وتعريف (السَّفِينَةِ) تعريف العهد الذهني ، مثل التعريف في قوله تعالى : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) [يوسف : ١٣].
و (إِذا) ظرف للزمان الماضي هنا ، وليست متضمنة معنى الشرط. وهذا التوقيت يؤذن بأخذه في خرق السفينة حين ركوبهما. وفي ذلك ما يشير إلى أن الركوب فيها كان لأجل خرقها لأن الشيء المقصود يبادر به قاصده لأنه يكون قد دبره وارتآه من قبل.
وبني نظم الكلام على تقديم الظرف على عامله للدلالة على أن الخرق وقع بمجرد الركوب في السفينة ، لأن في تقديم الظرف اهتماما به ، فيدل على أن وقت الركوب مقصود لإيقاع الفعل فيه.