إلى الأجر ، وليس هو لوما على مجرد إقامته مجانا ، لأن ذلك من فعل الخير وهو غير ملوم.
وقرأ الجمهور (لَاتَّخَذْتَ) ـ بهمزة وصل بعد اللام وبتشديد المثناة الفوقية ـ على أنه ماضي (اتخذ).
وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب لتخذت بدون همزة على أنه ماضي (تخذ) المفتتح بتاء فوقية على أنه ماضي (تخذ) أوله فوقية ، وهو من باب علم.
[٧٨ ـ ٨٢] (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢))
المشار إليه بلفظ (هذا) مقدر في الذهن حاصل من اشتراط موسى على نفسه أنه إن سأله عن شيء بعد سؤاله الثاني فقد انقطعت الصحبة بينهما ، أي هذا الذي حصل الآن هو فراق بيننا ، كما يقال : الشرط أملك عليك أم لك. وكثيرا ما يكون المشار إليه مقدار في الذهن كقوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) [القصص : ٨٣]. وإضافة (فِراقُ) إلى (بَيْنِي) من إضافة الموصوف إلى الصفة. وأصله : فراق بيني ، أي حاصل بيننا ، أو من إضافة المصدر العامل في الظرف إلى معموله ، كما يضاف المصدر إلى مفعوله. وقد تقدم خروج (بين) عن الظرفية عند قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما) [الكهف : ٦١].
وجملة (سَأُنَبِّئُكَ) مستأنفة استئنافا بيانيا ، تقع جوابا لسؤال يهجس في خاطر موسى عليهالسلام عن أسباب الأفعال التي فعلها الخضر عليهالسلام وسأله عنها موسى فإنه قد وعده أن يحدث له ذكرا مما يفعله.
والتأويل : تفسير لشيء غير واضح ، وهو مشتق من الأول وهو الرجوع. شبه تحصيل المعنى على تكلف بالرجوع إلى المكان بعد السير إليه. وقد مضى في المقدمة الأولى من مقدمات هذا التفسير ، وأيضا عند قوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي