والمراد بالسؤال عن ذي القرنين السؤال عن خبره ، فحذف المضاف إيجازا لدلالة المقام ، وكذلك حذف المضاف في قوله : (مِنْهُ) أي من خبره و (من) تبعيضية.
والذكر : التذكر والتفكر ، أي سأتلو عليكم ما به التذكر ، فجعل المتلو نفسه ذكرا مبالغة بالوصف بالمصدر ، ولكن القرآن جاء بالحق الذي لا تخليط فيه من حال الرجل الذي يوصف بذي القرنين بما فيه إبطال لما خلط به الناس بين أحوال رجال عظماء كانوا في عصور متقاربة أو كانت قصصهم تساق مساق من جاسوا خلال بلاد متقاربة متماثلة وشوهوا تخليطهم بالأكاذيب ، وأكثرهم في ذلك صاحب الشاهنامة الفردوسي وهو معروف بالأكاذيب والأوهام الخرافية.
اختلف المفسرون في تعيين المسمى بذي القرنين اختلافا كثيرا تفرقت بهم فيه أخبار قصصية وأخبار تاريخية واسترواح من الاشتقاقات اللفظية ، ولعل اختلافهم له مزيد اتصال باختلاف القصّاصين الذين عنوا بأحوال الفاتحين عناية تخليط لا عناية تحقيق فراموا تطبيق هذه القصة عليها. والذي يجب الانفصال فيه بادئ ذي بدء أن وصفه بذي القرنين يتعين أن يكون وصفا ذاتيا له وهو وصف عربي يظهر أن يكون عرف بمدلوله بين المثيرين للسؤال عنه فترجموه بهذا اللفظ.
ويتعين أن لا يحمل القرنان على الحقيقة ، بل هما على التشبيه أو على الصورة. فالأظهر أن يكونا ذؤابتين من شعر الرأس متدليتين ، وإطلاق القرن على الضفيرة من الشعر شائع في العربية ، قال عمر بن أبي ربيعة :
فلثمت فاها آخذا بقرونها |
|
شرب النزيف ببرد ماء الحشرج |
وفي حديث أم عطية في صفة غسل ابنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت أم عطية : «فجعلنا رأسها ثلاثة قرون» ، فيكون هذا الملك قد أطال شعر رأسه وضفره ضفيرتين فسمي ذا القرنين ، كما سمّي خرباق ذا اليدين.
وقيل : هما شبه قرني الكبش من نحاس كانا في خوذة هذا الملك فنعت بهما. وقيل : هما ضربتان على موضعين من رأس الإنسان يشبهان منبتي القرنين من ذوات القرون.
ومن هنا تأتي الأقوال في تعيين ذي القرنين ، فأحد الأقوال : إنه الإسكندر بن فيليبوس المقدوني. وذكروا في وجه تلقيبه بذي القرنين أنه ضفر شعره قرنين. وقيل : كان