ونون المتكلّم المشارك في قوله (نُنَبِّئُكُمْ) يجوز أن تكون نون العظمة راجعة إلى ذات الله على طريقة الالتفات في الحكاية. ومقتضى الظاهر أن يقال : هل ينبئكم الله ، أي سينبئكم ويجوز أن تكون للمتكلّم المشارك راجعة إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى الله تعالى لأنه ينبئهم بما يوحى إليه من ربّه. ويجوز أن تكون راجعة للرسول وللمسلمين.
وقوله (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ) بدل من (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) وفي هذا الإطناب زيادة التشويق إلى معرفة هؤلاء الأخسرين حيث أجرى عليهم من الأوصاف ما يزيد السامع حرصا على معرفة الموصوفين بتلك الأوصاف والأحوال.
والضلال : خطأ السبيل. شبه سعيهم غير المثمر بالسير في طريق غير موصلة.
والسعي : المشي في شدة. وهو هنا مجاز في العمل كما تقدّم عند قوله (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها) في سورة الإسراء [١٩] ، أي عملوا أعمالا تقربوا بها للأصنام يحسبونها مبلغة إياهم أغراضا وقد أخطئوها وهم يحسبون أنّهم يفعلون خيرا.
وإسناد الضلال إلى سعيهم مجاز عقلي. والمعنى : الذين ضلوا في سعيهم.
وبين (يَحْسَبُونَ) و (يُحْسِنُونَ) جناس مصحّف ، وقد مثل بهما في مبحث الجناس.
(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥))
جملة هي استئناف بياني بعد قوله (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ).
وجيء باسم الإشارة لتمييزهم أكمل تمييز لئلا يلتبسوا بغيرهم على نحو قوله تعالى :(أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة : ٥].
وللتنبيه على أن المشار إليهم أحرياء بما بعد اسم الإشارة من حكم بسبب ما أجري عليهم من الأوصاف.
والآيات : القرآن والمعجزات.
والحبط : البطلان والدحض.
وقوله : (رَبِّهِمْ) يجري على الوجه الأول في نون (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ) أنه إظهار في مقام