يقصد منه التقريب.
والمعنى : ليظهر اضطراب الناس في ضبط تواريخ الحوادث واختلال خرصهم وتخمينهم إذا تصدوا لها ، ويعلم تفريط كثير من الناس في تحديد الحوادث وتاريخها ، وكلا الحالين يمت إلى الآخر بصلة.
[١٣ ، ١٤] (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤))
لما اقتضى قوله : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) [الكهف : ١٢] أن في نبأ أهل الكهف تخرصات ورجما بالغيب أثار ذلك في النفس تطلعا إلى معرفة الصدق في أمرهم ، من أصل وجود القصة إلى تفاصيلها من مخبر لا يشك في صدق خبره كانت جملة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ) استئنافا بيانيا لجملة (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) [الكهف : ١٢].
وهذا شروع في مجمل القصة والاهتمام بمواضع العبرة منها. وقدم منها ما فيه وصف ثباتهم على الإيمان ومنابذتهم قومهم الكفرة ودخولهم الكهف.
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) يفيد الاختصاص ، أي نحن لا غيرنا يقص قصصهم بالحق.
والحق : هنا الصدق. والصدق من أنواع الحق ، ومنه قوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) في سورة الأعراف [١٠٥].
والباء للملابسة ، أي القصص المصاحب للصدق لا للتخرصات.
والقصص : سرد خبر طويل فالإخبار بمخاطبة مفرقة ليس بقصص ، وتقدم في طالع سورة يوسف.
والنبأ : الخبر الذي فيه أهمية وله شأن.
وجملة (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) مبينة للقصص والنبأ. وافتتاح الجملة بحرف التأكيد لمجرد الاهتمام لا لرد الإنكار.