(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ)
عطف على بقية القصة ، وما بينهما اعتراض. والخطاب فيه كالخطاب في قوله : (وَتَرَى الشَّمْسَ) [الكهف : ١٧]. وهذا انتقال إلى ما في حالهم من العبرة لمن لو رآهم من الناس مدمج فيه بيان كرامتهم وعظيم قدرة الله في شأنهم ، وهو تعجيب من حالهم لمن لو رآه من الناس.
ومعنى حسبانهم أيقاظا : أنهم في حالة تشبه حال اليقظة وتخالف حال النوم ، فقيل : كانت أعينهم مفتوحة.
وصيغ فعل (تَحْسَبُهُمْ) مضارعا للدلالة على أن ذلك يتكرر مدة طويلة.
والأيقاظ : جمع يقظ ، بوزن كتف ، وبضم القاف بوزن عضد.
والرقود : جمع راقد.
والتقليب : تغيير وضع الشيء من ظاهره إلى باطنه ، قال تعالى : (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) [الكهف : ٤٢].
و (ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) أي إلى جهة أيمانهم وشمائلهم. والمعنى : أنّ الله أجرى عليهم حال الأحياء الأيقاظ فجعلهم تتغير أوضاعهم من أيمانهم إلى شمائلهم والعكس ، وذلك لحكمة لعل لها أثرا في بقاء أجسامهم بحالة سلامة.
والإتيان بالمضارع للدلالة على التجدد بحسب الزمن المحكي. ولا يلزم أن يكونوا كذلك حين نزول الآية.
(وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)
هذا يدل على أن تقليبهم لليمين وللشمال كرامة لهم بمنحهم حالة الأحياء وعناية بهم ، ولذلك لم يذكر التقليب لكلبهم بل استمر في مكانه باسطا ذراعيه شأن جلسة الكلب.
والوصيد : مدخل الكهف ، شبه بالباب الذي هو الوصيد لأنه يوصد ويغلق.
وعدم تقليب الكلب عن يمينه وشماله يدل على أن تقليبهم ليس من أسباب سلامتهم من البلى وإلا لكان كلبهم مثلهم فيه بل هو كرامة لهم. وقد يقال : إنهم لم يفنوا وأما كلبهم ففني وصار رمة مبسوطة عظام ذراعيه.