وإعجازه العلمي الذي لم يكن لعموم العرب علم به.
وقرأ الجمهور (ثَلاثَ مِائَةٍ) بالتنوين. وانتصب (سِنِينَ) على البدلية من اسم العدد على رأي من يمنع مجيء تمييز المائة منصوبا ، أو هو تمييز عند من يجيز ذلك.
وقرأه حمزة والكسائي وخلف بإضافة مائة إلى سنين على أنه تمييز للمائة. وقد جاء تمييز المائة جمعا ، وهو نادر لكنه فصيح.
(قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦))
إن كان قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ) [الكهف : ٢٥] إخبارا من الله عن مدة لبثهم يكون قوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) قطعا للمماراة في مدة لبثهم المختلف فيها بين أهل الكتاب ، أي الله أعلم منكم بمدة لبثهم.
وإن كان قوله : (وَلَبِثُوا) حكاية عن قول أهل الكتاب في مدة لبثهم كان قوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) تفويضا إلى الله في علم ذلك كقوله : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) [الكهف : ٢٢].
وغيب السماوات والأرض ما غاب علمه عن الناس من موجودات السماوات والأرض وأحوالهم. واللام في (لَهُ) للملك. وتقديم الخبر المجرور لإفادة الاختصاص ، أي لله لا لغيره ، ردا على الذين يزعمون علم خبر أهل الكهف ونحوهم.
و (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) صيغتا تعجيب من عموم علمه تعالى بالمغيبات من المسموعات والمبصرات ، وهو العلم الذي لا يشاركه فيه أحد.
وضمير الجمع في قوله : (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) يعود إلى المشركين الذين الحديث معهم. وهو إبطال لولاية آلهتهم بطريقة التنصيص على عموم النفي بدخول (من) الزائدة على النكرة المنفية.
وكذلك قوله : (وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) هو ردّ على زعمهم بأنّ الله اتخذ آلهتهم شركاء له في ملكه.
وقرأ الجمهور (وَلا يُشْرِكُ) برفع (يُشْرِكُ) وبياء الغيبة. والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ). وقرأه ابن عامر ـ بتاء الخطاب وجزم و (يُشْرِكُ) ـ