والغداة قرأه الجمهور ـ بألف بعد الدال ـ : اسم الوقت الذي بين الفجر وطلوع الشمس. والعشي : المساء. والمقصود أنهم يدعون الله دعاء متخللا سائر اليوم والليلة. والدعاء : المناجاة والطلب. والمراد به ما يشمل الصلوات.
والتعبير عنهم بالموصول للإيماء إلى تعليل الأمر بملازمتهم ، أي لأنهم أحرياء بذلك لأجل إقبالهم على الله فهم الأجدر بالمقارنة والمصاحبة. وقرأ ابن عامر بالغداة ـ بسكون الدال وواو بعد الدال مفتوحة ـ وهو مرادف الغداة.
وجملة (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) في موضع الحال. ووجه الله : مجاز في إقباله على العبد.
ثم أكّد الأمر بمواصلتهم بالنهي عن أقل إعراض عنهم.
وظاهر (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) نهي العينين عن أن تعدوا عن الذين يدعون ربهم ، أي أن تجاوزاهم ، أي تبعدا عنهم. والمقصود : الإعراض ، ولذلك ضمن فعل العدو معنى الإعراض ، فعدي إلى المفعول ب (عن) وكان حقه أن يتعدى إليه بنفسه يقال : عداه ، إذا جاوزه. ومعنى نهي العينين نهي صاحبهما ، فيؤول إلى معنى : ولا تعدّي عينيك عنهم. وهو إيجاز بديع.
وجملة (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) حال من كاف الخطاب ، لأن المضاف جزء من المضاف إليه ، أي لا تكن إرادة الزينة سبب الإعراض عنهم لأنهم لا زينة لهم من بزة وسمت.
وهذا الكلام تعريض بحماقة سادة المشركين الذين جعلوا همهم وعنايتهم بالأمور الظاهرة وأهملوا الاعتبار بالحقائق والمكارم النفسية فاستكبروا عن مجالسة أهل الفضل والعقول الراجحة والقلوب النيرة وجعلوا همّهم الصور الظاهرة.
(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)
هذا نهي جامع عن ملابسة شيء مما يأمره به المشركون. والمقصود من النهي تأسيس قاعدة لأعمال الرسول والمسلمين تجاه رغائب المشركين وتأييس المشركين من نوال شيء مما رغبوه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وما صدق (من) كل من اتصف بالصلة ، وقيل نزلت في أمية بن خلف الجمحي ، دعا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى طرد فقراء المسلمين عن مجلسه حين يجلس إليه هو وأضرابه من سادة